الفصيلة / أوراق فلسفية جديدة / كتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (دراسة أكاديمية في المضمون والمصادر) / العدد التاسع عشر / كانون الثاني – شباط 2015

الفصيلة

من أوراق فلسفية جديدة

(19)

2015 / جنيوري – فبروري

———————————————————————————–

فصيلة تصدر كل شهرين

مركز دريد الأكاديمي للأبحاث والدراسات

رئيس التحرير                   سكرتيرة التحرير

الدكتور محمد الفرحان                الدكتورة نداء إبراهيم خليل

تخضع جميع الأبحاث للتحكيم الأكاديمي

بمناسبة عيد ميلاد ولدي دريد الفرحان

أهديها له وإلى جميع القراء

—————————————————————————————

Capital: Critique of Political Economy

From an Academic Point of View

Dr. MOHAMAD FARHAN

كتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي

    دراسة أكاديمية في المضمون والمصادر

الدكتور محمد جلوب الفرحان

رئيس تحرير مجلة أوراق فلسفية جديدة

———————————————————————————–

تقديم :

  بين كتاب رأس المال والنصوص الفقهية الإقتصادية الإسلامية التي كُتبت في حُقب زمنية متباينة ، خيط سياسي مخملي مشترك ، فهناك فقه يُسور الإقتصاد الإسلامي ، وهنا في رأس المال إقتصاد متسور بالمنظور السياسي الماركسي (الذي هو بالطبع فقه ماركسي)  . صحيحُ جداً أن كارل ماركس (1818 – 1883) كتب رائعته الإقتصادية ” رأس المال ” ونشر المجلد الأول في حياته ، وبالتحديد في 14 سبتمبر 1867 [1]، وبعد موت ماركس  قام عضيده ” فردريك أنجلز ” (1820 – 1895) بجمع إصول المجلدين الثاني والثالث ، ومن ثم كتب لهما مقدمتين وأشرف على نشرهما بالألمانية . ومن بعد موت ” ماركس ” أشرف على ترجمة المجلد الأول إلى الإنكليزية وكتب مقدمة له وبمشاركة إبنة ماركس ” إيلينور ” (1855 – 1898) وخطيبها أو زوجها الدكتور البايولوجي آدورد إفيلنج (1849 – 1898) والذي مات بعد إنتحار ” إيلينور ” بأربعة أشهر فقط ، وبسبب سرطان الكلى . وترجم الدكتور ” إفيلنج ” القسم الثاني ، في حين إن صديق ماركس ” صامويل مور ” ترجم القسم الأول وبسبب مشاغله الكثيرة ، تم تكليف ” إفيلنج ” بإكمال الترجمة .

  ولعل القارئ للعنوان الكامل لكتاب رأس المال ، يلحظ بيُسر المقاربة الفقهية من زاوية الماركسية بين ما هو إقتصادي وما هو سياسي ، والتي دارت في ذهن ماركس لحظة خطه للعنوان . ولذلك جاء العنوان الكامل بالشكل الآتي : ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” في جميع النشرات الألمانية الأولى ومن ثم الروسية والفرنسية وكذلك في ترجمتها إلى اللغة الإنكليزية على الأقل [2]. ولا تنسى بأن عضيده ” فردريك إنجلز ” قد وصف رائعة رأس المال بأنها ” إنجيل الطبقة العاملة [3].

  ومن الملاحظ إن هذه النزعة النقدية للإقتصاد السياسي سيُعاد إنتاجها في نصين إقتصاديين إسلاميين معاصرين ، وهما ” المشروع الأسلامي للإقتصاد ” [4] و ” المذهب الإقتصادي في الإسلام ” [5]. كما وإن كلاً من صاحب ” المشروع الإسلامي للإقتصاد ” و كاتب ” المذهب الإقتصادي في الإسلام ”  قد تابعا ميثديولوجية ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” وتناولا في نصوصهم الإقتصادية نظرية النزعة الإستعمارية الحديثة . والأول أسس مشروعه الإسلامي للإقتصاد على مباني قرآنية على العموم وإن كان هناك صوت فقهي خافت . بينما الثاني إنطلق من أبحاث فقهية معمقة للإقتصاد الإسلامي ومن ثم شيد على أبحاثه الفقهية – المذهبية ، مباني المذهب الإقتصادي في الإسلام بطرفيه النقدي التقويمي [6] والبنائي التأسيسي [7]، وكان حاصلها المذهب الإقتصادي في الإسلام .

  ولعل من الصحيح القول أن كلاهما أي المشروع الإسلامي للإقتصاد والمذهب الإقتصادي في الإسلام إلتحما بأواصر قوية في نص الفكر الفقهي للإقتصاد الإسلامي [8]، وبدرجات ما في نص أدب المرايا السياسية الإجتماعية الإسلامية [9]، وبالتخصيص منهما المذهب الإقتصادي في الإسلام ، في حين لامسه بدرجات أضعف المشروع الإسلامي للإقتصاد . وكذلك من الصحيح القول إن كلاً من ” المشروع الإسلامي للإقتصاد ” و ” المذهب الإقتصادي في الإسلام ” قد مارسا نقداً وتقويماً للتجربتين الإقتصاديتين الغربيتين ؛ الرأسمالية والإشتراكية (الشيوعية) . كما ونلحظ بالمقابل إن ” كارل ماركس ” في كتابه ” رأس المال ” قد وضع الرأسمالية تحت منظار التحليل والنقد والتقويم وبالطبع من زاوية الماركسية ، وبصورة شاملة جامعة في المجلد الأول من كتاب رأس المال . حيث يُلاحظ القارئ لهذا المجلد ، إن ماركس لم يتحدث عن الإشتراكية أو الشيوعية . وهنا كان طرف النقد والتقويم الماركسي للرأسمالية . أما طرف التأسيس والبناء فقد جاء في مواد المجلدين الثاني والثالث والرابع من كتاب رأس المال .

  وهذه الميثديولوجيا سيسير عليها بدرجات من الشمول والعموم كل من المشروع الإسلامي للإقتصاد و المذهب الإقتصادي في الإسلام . وهذا يعني إن كتاب ” رأس المال ” سواء من خلال الترجمة الفرنسية  أو من خلال المتداول عنه في المنشور الثقافي والسياسي العربي (وعلى الخصوص منشورات الإحزاب الشيوعية العربية) ، كان مصدراً مهماً للعقل المسلم في عملية النقد للرأسمالية ، وهو بالطبع مصدر مهم في عرض الإشتراكية (والشيوعية نظاماً إقتصادياً) بديلاً عن الرأسمالية .

   وفعلاً قدمنا في هذا الكتاب ، معالجة فكرية نقدية للنظامين الإقتصاديين الغربين العتيدين ؛ الرأسمالية والإشتراكية – الشيوعية (الماركسية) من زاوية إسلامية ، وبالتحديد من زاوية المشروع الإسلامي للإقتصاد ، ومن طرف المذهب الإقتصادي في الإسلام . ولأكمال البحث من الزاوية الأكاديمية وهي الزاوية المحايدة التي تتوسط بميثديولوجيتها الموضوعية بين الرأسمالية والإشتراكية الماركسية من طرف ، والمشروع الإسلامي للإقتصاد والمذهب الإقتصادي في الإسلام من طرف آخر . نٌقدم قراءة أكاديمية لكتاب ” كارل ماركس ” رأس المال . والسبب إن هذا المصدر كان ولايزال إنجيلاً في الإقتصاد السياسي الراهن ، وبالطبع لا تنسى العنوان الفرعي لأنجيل رأس المال ، وهو نقد الإقتصاد السياسي .

  والحقيقة إن في العنوان الفرعي ” نقد الإقتصاد السياسي ” الكثير من المعاني والدلالات ، فهو إعلان على إن كتاب رأس المال لايُعالج الإقتصاد من زاوية علمية ، وإنما يُراجع الإقتصاد السياسي من زاوية مذهبية نقدية – ماركسية . وهذا يدلُ بوضوح على إن هناك مقاربة عالية بين كتاب رأس المال لماركس والمشروع الإسلامي للإقتصاد والمذهب الإقتصادي في الإسلام وخصوصاً في نقد الرأسمالية هذا طرف والطرف الثاني إن كتاب رأس المال والمشروع الإسلامي للإقتصاد والمذهب الإقتصادي في الإسلام ، هي دراسات في النقد والتقويم والبناء والتأسيس ، والتي تسورت بمنطلقات مذهبية وليست علمية موضوعية خالصة على الشمول والإطلاق . فمثلاً ماركس في كتابه رأس المال عرض المذهب الإقتصادي – السياسي الرأسمالي ، ومن ثم وجه له نقداً وتقويماً من زاوية المذهب الماركسي ، وكان بالطرف المقابل يؤسس ويبني المذهب الإقتصادي الماركسي بطرفيه الإشتراكي والشيوعي . وفعلاً فإن المجلد الأول من رأس المال ، كان مشروع النقد والتقويم الماركسي للتجربة الرأسمالية . بينما جاء المجلدات الثاني والثالث والرابع تحمل مشروع البناء والتأسيس للإشتراكية والشيوعية . وهنا أنوه للدور الذي لعبه ” فردريك إنجلز ” في جمع مواد المجلدين الثاني والثالث من رأس المال . أما المجلد الرابع فله قصة سنقرأها لاحقاً .

  والواقع أن هذا المنهج المذهبي في النقد والتقويم تبناه بصورة غير واعية (وربما بدرجات ما) المشروع الإسلامي في الإقتصاد والمذهب الإقتصادي في الإسلام ، إذ تلحظ بيسر في تجربة المشروع والمذهب ، لحظتين منهجيتين ؛ الأولى نقدية – تقويمية ، والثانية بنائية تأسيسة . ولذلك جاء بعد نقد التجربتين الإقتصاديتين الغربيتين ؛ الرأسمالية والماركسية (الإشتراكية والشيوعية) ، الإعلان عن ولادة المشروع الإسلامي في الإقتصاد ، والمذهب الإقتصادي في الإسلام .

  ومن أجل أن لا نكون ضحايا للميثديولوجيات الغربية ، وننسب ميثديولوجيا المشروع والمذهب إلى الغرب عموماً والماركسية خصوصاً . فإننا نحسب إن ميثديولوجيا المشروع والمذهب ، كانت ميثديولوجيا إسلامية خالصة (وإن تقاربت مع المنهج النقدي – الهدمي والتكويني – البنائي الماركسي) وأقصد بها الميثديولوجيا الأشعرية في تراثنا العربي – الإسلامي [10] وإن كان صاحب المذهب الإقتصادي جعفري في مذهبه الفقهي ، الذي يتقاطع مع المذهب الأشعري إلى حد كسر العظم ، ولكن هذا هو قدر الميثديولوجيات في الإقتصاد الإسلامي على أقل تقدير . 

  ولكون ” كارل ماركس ” نشر المجلد الأول من كتابه رأس المال في عام 1867 وكان حياً ، فقد تعرف العالم على لُب وجوهر النقد الماركسي للرأسمالية مبكراً ، ومن ثم توفي ماركس وتحمل إنجلز مهمة نشر المجلدات الثلاثة الباقيات ولكنه مات ولم يكمل مشواره مع المجلد الرابع . ولهذا نشعر بأن المجلد الأول من رأس المال هو الإنجيل الروحي في نقد الرأسمالية وبإصطلاحات عنوان كتاب ماركس  رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي . ومن المهم التأكيد هنا بأن الكتاب ليس كله نقد وتقويم للإقتصاد السياسي ، وإنما في لُبه أطراف بنائية تأسيسية للإقتصاد الماركس بطرفيه الإشتراكي والشيوعي .

  والحقيقة إن هذا الأمر لا يقتصر على كتاب ” كارل ماركس ” رأس المال ، وإنما عبر هذا المنهج بجانبيه النقدي – التقويمي ، والبنائي التأسيسي إلى كل من المشروع الإسلامي للإقتصاد و المذهب الإقتصادي في الإسلام . كما عبر إليهما نهج مباطنة الخطاب السياسي في بنية الخطاب الإقتصادي . ويبدو إن هذه المباطنة كانت مشروعة من جهة إن السياسي فيه الكثير من المباطنة للإقتصادي ، وإن الإقتصادي فيه الكثير من المباطنة للستراتيجيات السياسية .

قصة نشر رائعة رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي  

  ونحنُ في كتابنا هذا لا نتطلع على الإطلاق إلى إختراق الزمن وحرق حقبه ، ومن ثم العبور بعيداً عن ظروف إنشاء ” كارل ماركس ” وتدوينه لكتابه ” رأس المال ” . وإنما بالعكس سنعود إلى نهايات العقد السابع من القرن التاسع عشر . وبالتحديد إلى حياة ماركس ، وبالتخصيص إلى 14 سبتمبر من عام 1867 وهو تاريخ نشر المجلد الأول بالألمانية . ومن ثم بعد ستة عشر عاماً من هذه النشرة ، مات ماركس وخلف وراءه تراثه المتنوع ، مادة من مواد رأس المال ، وكان يتطلع حينها إلى نشرها في طباعات واعدة ، تُكون أطراف هذه الرائعة في نقد اللإقتصاد السياسي . وفعلاً بعد موت ” ماركس ” بسنتين ، جمع ” فردريك أنجلز ” من مخطوطات ماركس ومن ملاحظاته ومن المجلد الأول ، أصول المجلد الثاني ونشره في عام 1885 . وبعد موت ماركس بإحدى عشرة سنة ، نشر ” أنجلز ” المجلد الثالث ، وبالتحديد في عام 1894 .

 ومن المفيد الإشارة إلى أن أنجلز وعد مرات عديدة بالتحضير ونشر المجلد الرابع ، غير إنه مات في عام 1895 دون أن يُنفذ وعده . والحقيقة إن هذا المجلد خاص بنظريات فائض القيمة . وبعد موت ” إنجلز ” بأكثر من عشرة سنوات ، أي في عام 1905 قام صديق ” إنجلز ” المنظر الماركسي والفيلسوف الألماني الجيكي كارل جوهان كاوتسكي (1854 – 1938) بالإهتمام بهذا المجلد ، فأولاً طبع جزءاً من نقد فائض القيمة ، ومن ثم نشر طبعة كاملة له في 3 مجلدات (مابين 1905 – 1910) . والمجلد الأول من هذه المجلدات الثلاثة (الخاصة بنظريات فائض القيمة) ، نشر باللغة الإنكليزية بعنوان ” تاريخ النظريات الإقتصادية ” وبالتحديد في عام 1952 [11].   

  ولعل الغرض الذي نتطلع إليه من هذه العودة ، هو توفير قراءة لكتاب رأس المال في مجلده الأول ، والذي كان من نتاج نهايات العقد السابع من القرن التاسع عشر ، ومن ثم حث القارئ الحصيف على قراءة النصوص الإقتصادية التي كتبها العقل المسلم في القرن العشرين بنهج مقارن ومن زاوية النقد الماركسي للإقتصاد السياسي الذي أودعه ” ماركس ” في رائعته رأس المال ، ومن ثم بيان حجم حضور كتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي في النصوص الإقتصادية الإسلامية المعاصرة ، وبالتحديد حضوره في كل من ” المشروع الإسلامي للإقتصاد ” و ” المذهب الإقتصادي في الإسلام ” .

  والسؤال ؛ ماذا سيكون الحاصل من هذه العودة وهذه المقارنة ؟ الحاصل إن النصوص الإقتصادية التي كتبها المفكر المسلم في القرن العشرين حالها حال كتاب رأس المال ، دارت في إطار نقد الإقتصاد السياسي (العنوان الفرعي لكتاب رأس المال في نشرته الألمانية الأولى عام 1867) . ولكل هذا نحسبُ إن ” المشروع الإسلامي للإقتصاد ” و ” المذهب الإقتصادي في الإسلام ” ، هما رسالتان إقتصاديتان مؤسستان على الفقه الإسلامي ، وفي الفقه الكثير من النقد السياسي المذهبي ، وفيه بالطبع نقد فقهي للإقتصاد .

  تُشير الدراسات الأكاديمية التي عنت بتفكير ماركس ومؤلفاته الإقتصادية ، إلى إنه بعد دراسته الإقتصادية التي إمتدت العقدين من السنين ، أنجز التحضير والإعداد لعمله الرائع رأس المال ، ومن ثم نشر المجلد الأول في 14 سبتمبر عام 1867 بالألمانية . وجاءت النشرة الإنكليزية له بعد عشرين عاماً من نشرته الألمانية ، وبعد موت ماركس بأربعة سنوات ، أي عام 1887  [12]. ومن ثم بعد موت ماركس بسنتين ، أعد زميله ” فردريك إنجلز ” من مخطوطات ملاحظات ماركس التي تركها ومن المجلد الأول ، أصول المجلد الثاني والذي ظهر إلى النور عام 1885 [13]. وبعد أحدى عشرة سنة من وفاة ماركس نشر ” إنجلز ” المجلد الثالث من كتاب رأس المال ، وبالتحديد في عام 1894 [14]. وهذه هي المجلدات الثلاثة التي كونت الأطراف المختلفة من رائعة ماركس في نقد الإقتصاد السياسي والتي حملت عنوان رأس المال . أما المجلد الرابع فقد قرأنا قصة نشره وترجمته إلى الإنكليزية أعلاه وسنعود إليها فيما بعد كذلك .  ونحسب من الحق علينا أن نُخبر القارئ بأن ” فردريك إنجلز ” كان أسبق من ” ماركس ” في عملية التدوين في نقد الإقتصاد السياسي ، وهذه قضية سنوليها إهتماماً مادمنا نفتش عن مصادر ” ماركس ” في عملية التدوين في رأس المال ونقد الإقتصاد السياسي ، وهي قضية تتجاوز عصر ماركس وإنجلز . وهذه مساهمة بحثت في الطرف التاريخي لمصادر كتاب رأس المال ومؤلفات ” ماركس ” في الإقتصاد السياسي .

   ونحسبُ إن كتاب رأس المال ، إضافة إلى كونه رائعة إقتصادية ، ففيه سجلات وذكريات للكفاح السياسي الذي رهن ” ماركس ” و ” إنجلز ” وبعض من رفاقهم حياتهم للعمل في مضماره . فقد تعرض ماركس وإنجلز إلى النفي وصرفا أشواطاً من حياتهم في بريطانيا . كما وإن كتاب رأس المال وهو وثيقة تاريخية سجلت كل ذلك في إهداء المجلد الأول . وفعلاً فإن قارئ الإهداء ، يلحظ إن ماركس ، أهدى هذه الرائعة في ” نقد الرأسمالية أو نقد الإقتصاد السياسي ” إلى صديقه الوفي [15]ويلهلم وولف ” (1809 – 1864) الذي عاش ومن ثم مات في مانشستر – بريطانيا في 9 مايس عام 1864 [16]، أي قبل إنجاز ماركس كتابة ونشر رأس المال بثلاث سنوات .

  ولعل السؤال المهم هنا ؛ من هو هذا الصديق الوفي ” ويلهلم وولف ” الذي شارك ماركس المنفى في بريطانيا ومن ثم أهداه رائعته رأس المال ؟ ولد ” ويلهلم وولف ” في بولندا ، وتحول في عام 1831 إلى ناشط وعضو في منظمة الطلاب الراديكالية ، وتعرض للسجن خلال الفترة الممتدة ما بين عام 1834 و عام 1838 . وفي عام 1846 إلتقى ” وولف ” في مدينة بروكسل بكل من ماركس و إنجلز وأصبح صديقاً حميماً لهما . ومن ثم في عام 1849 هاجر إلى سويسرا وإستقر في منافاه في بريطانيا ، وبالتحديد في عام 1851 .

  وبعد وفاته (اي وولف) ترك ثروة محترمة لزميله ماركس ، ومن أهم مقالات ” ويلهلم وولف ” مقالته التي تحكي إنتفاضة عمال النسيج التي حدثت في سيسلي (تقع في بولندا وألمانيا ..) عام 1844 ، والتي كانت الأساس في مسرحية الروائي الألماني ” غرهارت هاوبتمان ” (1862 – 1946) والتي كانت بعنوان ” النساجون [17].

مؤلفات ماركس قبل كتابة رائعته رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي

   ونحسبُ إنه من النافع  ، ونحن نبحث في الطرف التاريخي لرائعته رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي أن نُشارك مع القارئ الكريم ، حقيقة لفت هذه الرائعة الإقتصادية ، وهي إن  ” ماركس ” دشن الكتابة في مضمار نقد الإقتصاد السياسي ، قبل أن يكتب رائعته رأس المال بزمن بعيد ، فقد لاحظنا إن الرجل ركز أبحاثه في مضمار الإقتصاد السياسي ونقد الرأسمالية ، والشواهد والبينات على ذلك هي :

1 – إنه خلال الفترة التي عاشها ماركس في باريس ، وبالتحديد الفترة الممتدة ما بين 1843 – 1845 قد صرفها في دراسة الإقتصاد السياسي [18].

2 – كتب ” ماركس ” نصوصاً في الإقتصاد السياسي ، وخص بها كل من آدم سميث و ديفيد ريكاردو وجيمس ميل وأخرين [19]. وهذه المنشورات تفصح عن المصادر التي إعتمد عليها في نقد الإقتصاد السياسي . وبالطبع هي مصادر رائعته رأس المال .

3 – درس ” ماركس ” الإقتصاد السياسي في كتابات الإشتراكيين الفرنسيين ، من أمثال ” كلود هنري سانت سيمون ” (1760 – 1825) و ” فرنسيس شارلز فورييه ” (1772 – 1837) [20]. ومن المفيد أن نُعلم القارئ إلى إن ماركس لاذ على الأغلب إلى دائرة الصمت ، وسكت ولم يذكر شيئاً عن صاحب رائعة ” فلسفة البؤس أو الفقر ” والذي عارضه ” ماركس ” برائعته ” بؤس الفلسفة ” . وهذه قضية سنوفر لها قراءة هنا . وفي البدء سؤال ميثديولوجي بالغ الأهمية يخص كتابات ماركس الفلسفية وعلاقتها بمشروعه في نقد الإقتصاد السياسي ، وهو السؤال القائل ؛ ما هو المضموم في كتاب ماركس ” بؤس الفلسفة ” وما علاقته بكتاب الفوضوي الفرنسي ” بيير جوزيف برودن” (1809 – 1865) والذي حمل عنوان ” فلسفة البؤس ” ؟ نحسبً أولاً إن كتاب فلسفة البؤس (الفقر) له علاقة بمضمار نقد الإقتصاد السياسي عند ماركس ، وهذه هي الضميمة في كتاب ” بؤس الفلسفة ” . ففعلاً نشر ” ماركس ” كتابه المشهور ” بؤس الفلسفة ” عام 1847 ، وكان ماركس يومها في باريس ، وهو بالطبع رد على الحجج الإقتصادية والفلسفية للفوضوي (والأدق اللاسلطوي) برودن . وللحقيقة إن كتاب برودن هو الذي ألهم ماركس على كتابة ” بؤس الفلسفة ” . ولما كان كتاب برودن يعالج الفقر ، وهي قضية إقتصادية محضة وبالطبع تُعاني منها في مقدمة طبقات المجتمع ، الطبقة العاملة ، فإن ماركس دقق في هذه القضية وجادل برودن فيها وفي حججها الفلسفية . ولعل من المفيد أن نُضيف إلى معلومات القارئ الكريم إلى إن عنوان كتاب برودن الكامل جاء بالصيغة الآتية ” تناقضات النظام الإقتصادي أو فلسفة الفقر (البؤس) ” .

  ونحسُب إن في كتاب برودن طاقة روحية في نقد الرأسمالية وإقتصادها السياسي . ولكن الذي حدث هو توتر ماركسي من هذا الكتاب الرائد في نقد الإقتصاد السياسي . على كل هذه قضية تخص الطرف السياسي من تفكير ماركس . أما الحقيقة الموضوعية ، فإن في كتاب برودن فلسفة الفقر ما يتعدى ذلك ويُشكل مصدراً من مصادر نقد الإقتصاد السياسي عند ماركس . ولعل الشاهد التاريخي هو تاريخ نشر كتاب برودون ومضمونه . ومن طرف تاريخ النشر ، فإن برودن نشره عام 1847 أي قبل رائعة ماركس بعشرين عاماً . بل وقبل نشرة البيان الشيوعي ، وهو العمل المشترك الثاني مع إنجلز بسنتين .

  وحتى إذا عدنا إلى الوراء وإلى نصوص ماركس الأولى في نقد الإقتصاد السياسي ، فإننا نواجه حقيقة أخرى تعمل لصالح برودن ولا تعمل لمصلحة ماركس . فمثلاً نشر ماركس بحثه الأول والذي حمل عنوان ” مساهمة في نقد الإقتصاد السياسي ” في عام 1859 . وهذه الشهادة تقدمها لنا السيرة الذاتية وقوائم مؤلفات ماركس حسب تاريخ صدورها ، فإن هذه النشرة ، تمنح برودن السبق التاريخي على ماركس بحدود إثنتا عشر سنة [21]. وربما غاب هذا المصدر الإقتصادي المعاصر على دائرة تفكير ماركس عندما دشن مباحثه في نقد الإقتصاد السياسي ، أو تجاهله بقصد وهنا ندعو الباحثين الأكاديميين إلى إجراء أبحاث تقارن بين كتاب برودن تناقضات النظام الإقتصادي أو فلسفة الفقر ” ونصوص ماركس الإقتصادية ، وبالتحديد في مضمار نقد الإقتصاد السياسي ، ومن ثم بيان مقدار وحجم الحاضر والغائب فيها من كتاب برودن ” فلسفة الفقر ” [22].   

4 – مؤلفات ” ماركس ” التي تناول فيها مضماري الإقتصاد عامة والإقتصاد السياسي خاصة وقبل أن يكتب رائعته رأس المال . وهي المؤلفات الآتية :

آ – ملاحظات حول جيمس ميل ، ظهر عام 1844 [23]، وهو دراسة ” ماركس ” النقدية لكتاب ” جيمس ميل ” المعنون ” مبادئ الإقتصاد السياسي ” . وهذا الكتاب جداً مهم في تتبع الأثار التي تركها في تفكير ” ماركس ” الأقتصادي عامة ، وكتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي خاصة . كما وإن هذا الكتاب حمل الأسس لكتابه اللاحق والمعنون ” الإقتصاد والمخطوطات الفلسفية ” . ونحسب إن في كتاب ” ملاحظات حول جيمس ميل ” بذور فكرة ” ماركس ” عن ” إغتراب العمل ” .

ب – الإقتصاد والمخطوطات الفلسفية ، والذي كتبه عام 1844 ، وصدر لأول مرة عام 1929 [24]. وإعتماداً على كتاب ” ملاحظات ماركس ” فإن أغلب تحليلاته الإقتصادية في هذا الكتاب قد مست آدم سميث وهذه قضية بالغة الأهمية من الطرف التاريخي الذي يكشف عن المرحلة التي أهتم بها ” ماركس ” بالفكر الإقتصادي لأدم سميث . كما وإن في الكتاب معالجات حول الملكية الخاصة والشيوعية والمال وإجور العمال [25]. وبالتأكيد سيكون لها حضور فيما بعد في كتاب رأس المال .

ج – إجور العمل و رأس المال والذي كتبه عام 1847 ، ونشره ” ماركس ” أولاً مقالة في أبريل عام 1849 . ومن ثم ظهر في كتاب مستقل لاحقاً ، وهو بتقدير الأكاديميين المعنيين بتطور فكر ماركس الإقتصادي ، هو من أهم المقالات التي سبقت كتاب رأس المال . وفيه علامات واضحة ودالة على تزايد إهتمام ” ماركس ” بالمنهج العلمي في دراسة ظاهرة ” الإغتراب في العمل ” والتي قادت الطبقة البروليتاريا إلى الثورة . كما وإحتضن بحث للسلع وكيف إن المبادئ الإقتصادية من مثل الفائض والطلب يؤثران على أسعار السلع . وكيف إن رأس المال والرأسمالية تعمل فقط لأغراض كسب المزيد من الأرباح ، وبيان الكيفية التي يشتغل بها الإقتصاد الرأسمالي ؟ ولماذا هو إقتصاد إستغلال ؟ ..[26].

د – كتاب ماركس وإنجلز البيان الشيوعي ” والذي ظهر إلى النور عام 1848 [27]. وفيه معالجات تحليلية وبالطبع إقتصادية وإجتماعية للصراع الطبقي ، ومشكلات الرأسمالية ، والشكل الرأسمالي للإنتاج وتوقعات بمسقبل الشيوعية . ونحسب إن في البيان الشيوعي أطرافاً إقتصادية وإجتماعية كثيرة والتي تساعد الباحث على فهم مقدمات ومصادر كتاب رأس المال [28].

ها – موجزات في نقد الإقتصاد السياسي ، وكتبه ” ماركس ” عام 1858 وتركه جانباً ، ولم يرى النور في حياته ، كما لم يعتني به عضيده ” فردريك أنجلز ” وظل في دائرة الظل حتى عام 1939 [29]. والحقيقة إن ” ماركس ” كتب قبل كتاب ” موجزات في نقد الإقتصاد السياسي ” ، مقالة بعنوان ” الصراع الطبقي في فرنسا ” وبالتحديد في عام 1850 [30]. وفيها مس ” ماركس ” بعض الأفكار الإقتصادية التي صاحبت الصراع الطبقي في فرنسا .

و – مُساهمة في نقد الإقتصاد السياسي ، والذي ظهر عام 1859 . و كتابه ” مساهمة في نقد الإقتصاد السياسي ” هو مقدمة أساس لرائعته رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي . وكتاب المساهمة فيه نقد ماركسي لرموز الإقتصاد الكلاسيكي ، كل من آدم سميث وديفيد ريكاردو . وحسب رأي العديد من الأكاديميين ، هو من أهم الكتب التي سبقت رأس المال ، ويأتي بعده في الأهمية في تاريخ نقد الإقتصاد السياسي الرأسمالي . كما ومس فيه ” ماركس ” التفسير الإقتصادي للتاريخ ، وأفكار حول العوامل الإقتصادية والشروط التي تحكم السياسة والإيديولوجيا [31].

ل – نظريات فائض القيمة ، ثلاثة مجلدات ، نشرت عام 1862 . وهو في الأصل أربعة مجلدات ، وهو تحليل إقتصادي للعمل والقيمة عند كل من آدم سميث وديفيد ريكاردو وتوماس مالتوس وآخرون . وجاء التركيز فيها على فائض القيمة والإختلاف بين قيم عمل العمال والإجور التي يتلقاها العمال لقاء عملهم . ونظريات فائض القيمة من المفاتيح الأساسية في تفكير ماركس الإقتصادي منذ قام بمراجعة سيطرة الرأسمالية على فائض القيمة [32]. ومعلوم إن نظريات فائص القيمة كونت أساسيات في كتاب رأس المال في المجلد الأول الذي ظهر لأول مرة بالألمانية عام 1867 . 

م – القيمة ، السعر والربح ، نشر لأول مرة عام 1865 . وهو في الأصل خطاب ألقاه ” ماركس ” في رابطة العمال العالمية في حزيران عام 1865 ، وكتبه ما بين نهاية مايس و27 حزيران عام 1865 . ومن ثم طبع في عام 1898 أي بعد وفاة ” كارل ماركس ” . وفيه ماركس جادل ” جون ويستن ” (وهو عضو مؤثر في مجلس العمال الإنكليزي) ودحض وجهة نظره ، التي ترى : أولاً – إن الزيادة العامة لنسبة الأجور غير نافعة للعمال . وثانياً – إن في الزيادة أثار مؤذية على نقابات الصناعة [33]

  هذه هي المقدمات والمصادر التي كتبها ” كارل ماركس ” قبل أن يُشرع في نشر رائعته رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، والتي كانت موضوع تأمل ومراجعة نقدية ، سواء من خلال قراءة للنص الفرنسي بالنسبة للمشروع الإسلامي في الإقتصاد . أو من خلال الترجمة العربية لكتاب رأس المال وما كتب عنه من مقالات إقتصادية أكاديمية ، نقدية وتقويمية في دار الثقافة العربية الإسلامية بالنسبة للمذهب الإقتصادي في الإسلام . ونحسب من الإنصاف لحقوق الجميع أن نقول إن كل هذا التراث الأقتصادي الذي كتبه ” ماركس ” قبل رائعته رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، لم يقترب منه على الإطلاق أو يمسه بلطف أو بنقد كل من المشروع الإسلامي للإقتصاد و المذهب الإقتصادي في الإسلام .

مقدمات ماركس لنشرات رأس المال : الحاضر والغائب

  ولعل الطرف التاريخي الذي لف وثيقة ” رأس المال ” ، المجلد الأول ، يحكي قصة تاريخ النشر الأولى ، وتفاصيل عن مقدمات ماركس لكل من النشرات الألمانية والفرنسية . ومن ثم المقدمات التي وضعها ” أنجلز ” لكل من النشرات الألمانية والأنكليزية . وبالصورة الآتية :

أولاً – مقدمة ” كارل ماركس ” للنشرة الألمانية الأولى لكتاب رأس المال ، والتي رأت النور عام 1867 . وما دمنا نبحث في الطرف التاريخي ، فإن هذه النشرة تحكي قصة التأليف ، والمراحل التي مر بها المجلد الأول ، ومن ثم حديث ماركسي عن المعوقات التي عطلت إنجاز هذا المشرع ، والتي تمثلت بحالات المرض التي تعرض لها ماركس . وكل هذا مهم إلا إن الأهم في هذا الطرف هو إن ماركس قدم شخصه ناقداً لميثديولوجيا تأليف رأس المال وهذا ما أباح به في مقدمته للنشرة الفرنسية هذا طرف . والطرف الثاني ، هو إن ماركس أفصح عن حقيقة تاريخ تأليف كتاب رأس المال ، فأشار إلى إنه نشر جزء من مشروع رأس المال في عام 1859 ، أي قبل ثمان سنوات من نشرته الأولى المعروفة عام 1867 . وكانت نشرة عام 1859 بعنوان ” مساهمة في نقد الإقتصاد السياسي [34]. كما ولمح إلى ” فريدنناد لاسل ” والتي قادتنا إلى إكتشاف المضموم بين كتابات ” لاسل ” في رأس المال وكتاب ماركس رأس المال . وهي قضية بالغة الأهمية من الطرف التاريخي الذي يترصد الأسبقية في البناء والتأسيس في الكتابات التي إعتنت برأس المال قبل كتاب ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” .

 ولهذا نحسب من النافع أن نشير إلى أن ماركس وجه في الهامش من هذه المقدمة لكتابه ” رأس المال ” نقداً للإقتصادي ” فريدنناد لاسل ” (1825 – 1864) بسبب إن ” لاسل ” حسب رواية ماركس أخذ الكثير من أراء ماركس وضمها في كتاباته ، ووقع في أخطاء نوه إليها ماركس [35]. و ” لاسل ” هو فيلسوف ورجل قانون ، ومن أهم كتاباته ” رأس المال والعمل ” والذي صدر عام 1864 أي قبل كتاب ماركس رأس المال بثلاث سنوات . ومن مؤلفاته كذلك الذي يتنازع في عناوينها مع ماركس كتابه المعنون ” ما هو رأس المال ” الذي تُرجم إلى اللغة الإنكليزية ونُشر في نيويورك بعد موته ، وبالتحديد في عام 1900 [36]. ويبدو لنا إن لاسل وماركس قد أهتموا في الكتابة في موضوع رأس المال في فترة زمنية واحدة مع الأسبقية في النشر لصالح ” فردينناد لاسل ” . ويبدو لنا إن ماركس على حق فقد نشر مقالاً قبل ” فردينناد لاسل ” بحدود أربعة عشر سنة وكان بعنوان ” إجور العمل ورأس المال ” وبالتحديد نشره ماركس عام 1847 وقد تم الإشارة إليه أعلاه . وهذا الأمر يحملنا على الدعوة إلى إنجاز دراسة أكاديمية مقارنة تُبين حجم الحضور من بحث ماركس في كتاب فردينناد لاسل .

ثانياً – مقدمة ” كارل ماركس ” للنشرة الفرنسية لكتاب رأس المال ، والتي توفرت للقارئ الفرنسي عام 1872 ، أي بعد خمس سنوات من نشرتها الألمانية الأولى . وهي مقدمة مقتضبة جداً ، وإستهلها ماركس بما يشبه الإهداء ، فقال :

إلى المواطن موريس لايشر

عزيزي المواطن

من طرفي أنا أحتفل بفكرتك في نشر ترجمة كتاب رأس المال على حلقات ، وهي فكرة ستجعل من الكتاب مُيسراً للطبقة العاملة ، وهي هدف لا يتقدم عليه أي إعتبار  . ومن ثم رأى ماركس وهو يناقش ” موريس ” بأن هذا طرف جيد من حيث فكرة نشر الكتاب في حلقات . إلا إنه تحول إلى الطرف الأخر المعوق في نشره بهذه الصورة ، وهي تتعلق بميثديولوجيا ماركس في كتاب رأس المال وهذا طرف جداً مهم مسكنا به في هذه المقدمة الفرنسية . كما وفيها يكمن إعتذار ماركس من نشره على حلقات ، وهو إن الفصول الأولى التي إشتغلت عليها هذه المنهجية ، هي موضوعات ليست إقتصادية صرفة . وهذا الحال سيجعل من الفصول الأولى ، فصولاً مُتعبة ومملة للقارئ (أرجو الإنتباه إلى خطاب ماركس النقدي لميثديولوجيته في تأليف كتاب رأس المال) . (منا : ويستمر ماركس في تقديمه) وهنا يكمن خوفنا (أي خوف ماركس) على الجمهور الفرنسي الذي يتطلع دائماً للوصول إلى النتيجة بيسر وصبر قليل ، وهو جمهور يسعى بشوق إلى معرفة العلاقة بين المبادئ العامة والأسئلة التي تدور حولها . ولهذا الحال (أي نشر الكتاب في حلقات) سيجعل مهمة الإنتقال بين الفصول مهمة صعبة . ولعل هذه هي مساوئ المنهجية التي تم فيها تأليف الكتاب (هكذا يقول ماركس عن منهجيته في رأس المال) ، والتي لا حول لي من التغلب عليها . وفيما عدا ذلك فإن القراء المتحمسين يحكمهم ناموس وحيد ، وهو معرفة الحقيقة .

  ومن المعروف إنه لا يوجد طريق ملكي في العلم . وإن الشجعان وحدهم ، والذين يتمتعون بالصبر ، سيتسلقون الطريق صعوداً ، وهم بالطبع المحظوظون في الإمساك بلحظة الإنتصار والوصول إلى القمم النيرة العالية [37].

  ومن طرف الحديث عن  ” موريس لاشر ” (1814 – 1900) فهو المراجع والناشر للطبعة الفرنسية لكتاب ماركس رأس المال . والحقيقة إن هذه المقدمة المقتضبة والتي جاء فيها الإشارة إلى ” موريس لاشر” قادتنا إلى معرفة الكثير من المضموم من الحقائق ، وخصوصاً من زاوية الطرف التاريخي ، الذي لف كتاب ماركس ” رأس المال ” ومن ثم الإنتباه إليها ، وحجم علاقتها بالثقافة الفرنسية في نهايات العقود الثلاثة الأخيرة من القرن التاسع عشر هذا طرف . والطرف الثاني إن الناشر ” موريس لاشر” كان واعياً جداً لقضية التنازع بين كل من ” فريدنناد لاسل ” و ” كارل ماركس ” حول أسبقية التدوين والكتابة في موضوع رأس المال .

  وفعلاً فإن السيرة الذاتية للناشر الفرنسي ” موريس لاشر ” تلقي الكثير من الضوء على قضية التنازع بين ” فريدنناد لاسل ” و ” كارل ماركس ” . فخلال الفترة ما بين 1870 – 1871 إنتقل ” موريس لاشر ” إلى أسبانيا وبدأ هناك بمراجعة ونشر الترجمة الفرنسية لكتاب ” كارل ماركس ” رأس المال . وربما إلتقى بكارل ماركس في سويسرا عندما إنتقل إليها الناشر ” موريس لاشر ” . ومن ثم عاد الأخير إلى باريس ونشر في عام 1880 كتابين مهمين ؛ الأول بعنوان ” تاريخ محاكم التفتيش ” والثاني وهو الأكثر أهمية لبحثنا ، وهو نشره لكتاب ” فريدنناد لاسل ” والمعنون رأس المال والعمل .

 وبذلك وفر الناشر ” موريس لاشر” للقارئ الفرنسي ، نصين إقتصاديين فيهما قضية تنازع حول الأسبقية في التأليف والإنشاء في مضمار رأس المال في القرن التاسع عشر . وهي بالطبع قضية عرفتها الثقافة الألمانية ، وكان فيها أسبقية من الطرف التاريخي للنشر لصالح ” فريدنناد لاسل ” ولا تعمل لصالح ” كارل ماركس ” [38].

ثالثاً – مقدمة ” كارل ماركس ” للنشرة الألمانية الثانية لكتاب رأس المال ، وبالطبع المجلد الأول ، والذي صدر عام 1873 [39]. وفي هذه الطبعة أشار ماركس إلى التعديلات التي أجراها على الطبعة الألمانية الأولى التي صدرت عام 1867 . وفعلاً فإن ماركس في هذه النشرة الجديدة ، أخبر القراء بمجمل التغييرات التي قام بها في الطبعة الجديدة ، إضافة إلى الملاحظات التي جهز بها هذه النشرة . وبالصورة الآتية :

1 – الفصل الأول / القسم الأول ، والمعنون ” عناصر السلعة : القيمة والقيمة الإستعمالية ” . وفعلاً فقد أضاف على نص هذا القسم في الطبعة الجديدة ، بحدود إثنا عشر نصاً ، وهي مذيلة بهوامشها المرجعية [40].

2 – الفصل الأول / القسم الثالث والمعنون ” صورة القيمة ” والذي تم مراجعته وتنقيحه تماماً ، وبالتحديد أُضاف إليه توسعتين شارحتين فقط [41]. وفعلاً فإن ” ماركس ” إعترف بصراحة ، إلى إن هاتين التوسعتين ، جاءتا إستجابة من ماركس لطلب صديقة ” الدكتور لودفيغ كوجلمان ” (1828 – 1902)[42] وذلك عندما زارالأخير ماركس في مدينة هانوفر في ربيع عام 1867 ، وحينها وصلت من مدينة هامبورك النسخ التجريبية الأولى لكتاب رأس المال . وقد قام الدكتور كوجلمان بإقناع ” كارل ماركس ” بضرورة إضافة ملاحق تشرح للقارئ ” أشكال القيمة ” ، وهو القسم الأخير من الفصل الأول والمعنون ” فتشية (صنمية) السلعة ” والذي راجعه ماركس بصورة واسعة [43].

 3 – أجرى ماركس تغييراً في القسم الأول من الفصل الثالث ، والذي جاء بعنوان ” مقياس القيمة ” والذي نقحه بعناية . وماركس يعترف إن الطبعة الأولى قد تجاهلت هذا القسم [44].

4 – ومن ثم أعاد ماركس كتابة القسم الثاني من الفصل التاسع مع توسيع له بعض الشئ . وكان عنوان هذا القسم طويلاً ، وهو ” عرض لمكونات قيمة المنتج وبمطابقة مع أجزاء من المنتج ذاته ” [45].

   ومن الناحية الميثديولوجية ، فإن ماركس يعترف بأن مراجعة النشرة الفرنسية لكتاب رأس المال والتي ظهرت في باريس ، قد كشفت بوضوح عن أن أجزاء عديدة من النشرة الألمانية الأصلية ، تحتاج إلى إعادة تنظيم ، وأجزاء أخرى تتطلب التدقيق ومراجعة الإسلوب بوزن ثقيل على حد تعبيره . كما وإن أجزاء أخرى ينبغي العمل على تهذيبها . إلا إنه يعترف بأنه لا يتوافر الوقت الكافي لإنجاز كل ذلك . خصوصاً وقد تم إبلاغه في خريف عام 1871 ، وهو منتصف الطريق في مراجعة الطبعة الأولى ، بأن الكتاب نفذ وبيعت نسخه على الإطلاق ، وإن الطبعة الثانية قد بدأت في كانون الثاني (جنيوري) من عام 1872 . وهذا يعني بإعتراف ماركس إن النص الألماني لا زال يُعاني من إعتلال ، وإن هذا الإعتلال إنتقل إلى الطبعة الألمانية الثانية إذ لم يتوافر الوقت لمعالجتها حسب إفادة ماركس .

  ويُخبر ماركس القارئ في هذه المقدمة بأن كتاب رأس المال قد حصل على تقويم واسع في دوائر الطبقة العمالية الألمانية . وهذا بحد ذاته ” مكافأة عالية ” لعمله . ومن ثم أستشهد بأمثلة ، منها ، هو إن الصناعي من فينا ” هرر ماير ” (عاش خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وجاء ذكر كتيبه في فينا في 26 ديسمبر 1875)[46] ويمثل ” هرر ماير ” من الزاوية الإقتصادية وجهة نظر البرجوازية ، وهو حسب رواية ماركس في مقدمة الطبعة الثانية لكتاب ” رأس المال ” هو مؤلف لكتيب صغير ، طبعه خلال الحرب الفرنسية الألمانية ، وفيه شرح الإمكانية  الكبيرة للنظرية المتوافرة في كتاب ” رأس المال ” ، وهو بالطبع جزء من الإرث الألماني العتيد . وبالرغم من إنه تلاشى تماماً بين الطبقات الألمانية المثقفة . غير إنه على العكس ظل بين الطبقة العاملة إمكانية إحتفالية على خصومها [47].

  وإعتقد ماركس إنه حتى هذه اللحظة (لا تنسى إنه يتحدث في عام 1872) ، فإن الإقتصاد السياسي ، لا زال علم غريب . وهنا إستشهد ماركس بكتابات الفلاح والإقتصادي الإلماني ” غوستاف فون كولش ” (1791 – 1847) [48] وخصوصاً كتابه المعنون ” الخلفية التاريخية للتجارة والصناعة والزراعة في الدول التجارية المهمة [49]. والحقيقة إن المصادر التي إعتنت بالكتابات الإقتصادية التي تركها ” غوستاف كولش ” قد كشفت بأن ماركس في شبابه كان متأثراً بأعمل ” كولش ” ، بل وكانت موضوع إهتمامه والإفادة منها بالتخصيص في رائعته رأس المال [50].

  ونحسبُ من النافع أن نخبر القارئ بأن ماركس في هذه المقدمة للطبعة الجديدة لكتاب رأس المال ، قد إعترف بمصادر معرفية أخرى ، إستند إليها وهو يكتب هذه الرائعة الإقتصادية . وهي بالطبع مصادر عالجت في أطراف منها تطور فكر الإقتصاد السياسي ، وبالتخصيص في كل من إنكلترا وفرنسا . وكان في أعلى درجات الصراحة عندما أشار إلى رجل الإقتصاد السياسي الإنكليزي ” ديفيد ريكاردو [51](1772 – 1838) وهو من الرموز الإقتصادية المؤثرة في الإقتصاد الكلاسيكي [52]. ولعل أهمية إشارة ماركس إلى ” ديفيد ريكاردو ” وبالتحديد من الطرف التاريخي ، إنه أباح مرة أخرى عن مصادر إضافية مؤثرة على تفكير ماركس لحظة كتابته لرائعته رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي . ومنها كتاب رجل التنوير الإسكتلندي والرائد في الإقتصاد السياسي ” آدم سميث ” (1723 – 1790) والمعنون ” ثروة الأمم ” ومن ثم رائعته الإقتصادية التي نحسب إن لها علاقة وثيقة بعمل ماركس في ” رأس المال ” ، والتي حملت عنوان ” حول مبادئ الإقتصاد السياسي والضرائب ” والذي نشره عام 1817 [53].

  ومن الأسماء التي يمكن إضافتها إلى قائمة ” كارل ماركس ” كل من رجل الإقتصاد الكلاسيكي الإنكليزي ” توماس روبرت مالثيوس ” ( 1766 – 1834) وهو من الرموز الكبيرة في مضمار الإقتصاد السياسي . ولعل رائعته الإقتصادية التي تُذكر في هذا الباب ، والتي عالجت القانون الحديدي للإجور ، هي كتابه المعنون ” مقالة في مبادئ السكان ” والتي نشرها لأول مرة عام 1798 وتحت إسم قلمي ، هو ” جوزيف جونسن ” [54]. ورجل الإقتصاد والمنظر السياسي والفيلسوف الإسكتلندي ” جيمس ميل ” (1773 – 1836) وهو يُشارك ” ديفيد ريكاردو ” في تأسيس مضمار الإقتصاد السياسي . ولعل من أهم مؤلفاته التي تُذكر في هذا الصدد ، والتي نرجح إنها كانت مصدراً من المصادر التي قرأها ” كارل ماركس ” حين كان يعيش في إنكلترا ، رائعة ” جيمس ميل ” التي حملت عنوان ” مبادئ الإقتصاد السياسي ” والتي نشرها عام 1821 ، وكذلك عمله المعنون ” هل الإقتصاد السياسي مُفيد ” والذي نشره عام 1836 [55]. وبالطبع هذه المؤلفات الإقتصادية قسم منها نُشرت قبل ولادة ” كارل ماركس ” وقسم منها طبعت ورأت النور وماركس طفلاً مع الإشارة إلى إن الكتاب الأخير والمعنون ” هل الإقتصاد السياسي مفيد ” نُشر وعمر ماركس ثمانية عشر ربيعاً وهو في السنوات الأولى من دخوله الجامعة .

    أما من طرف  ” الإقتصادي ” جيمس ميل ” فهو والد الفيلسوف ورجل الإقتصاد السياسي ” جون ستيوارت ميل ” (1806 – 1873) وهو معاصر لكارل ماركس ، وكتاباته على العموم ، ونصوصه في الإقتصاد السياسي حملت نوعين من الأثار ؛ الأولى جاءت من خلال والده ” جيمس ميل ” ومؤلفاته . والثانية من خلال أثار ” جيرمي بنثام ” (1748 – 1832) الرائد في مذهب المنفعة الحديث ، والذي تأثر (أي بنثام) بدوره بآراء ” جيمس ميل ” كذلك [56] ، والأبن ” جون ستيوارت ميل ” تابع خط ” جيرمي بنثام ” في مذهب المنفعة . ومن أهم مؤلفات ” جون ستيوارت ميل ” التي ستكون موضوع نقد ” كارل ماركس ” وآخرين ، كتابه الأول والمعنون ” مقالات حول بعض الأسئلة في الإقتصاد السياسي ” والذي نشره عام 1844 . وكتابه الثاني والمعنون ” مبادئ الإقتصاد السياسي ” والذي نشره عام 1848 [57].

 وبالطبع جاء ذكر ” جون ستيوارت ميل ” في كتاب ” كارل ماركس ” رأس المال ” في الطبعة الثانية للنشرة الألمانية . وذلك عندما تحدث ” ماركس ” عن ” الثورة القارية (نسبة إلى قارة أوربا) ” والتي إندلعت خلال عامي 1848 – 1849 ، وبالتحديد عند حديثه عن ” الطبقات الحاكمة ” ومحاولاتها خلق نوع من الهارمونيا (الإنسجام) بين رأس مال الإقتصاد السياسي وإدعاءتهم .. بتجاهل البروليتاريا . ومثل هذا الخط من التفكير حسب رأي ” ماركس ” نجد خير من يمثله ” جون ستيوارت ميل ” ، وهو بحد ذاته (والكلام لماركس) هو ” إعلان عن إفلاس الإقتصاد البرجوازي ” . ومن ثم إستشهد ” ماركس ” بخطاب الأكاديمي الروسي ” الكبير ” آن . شيرنشوسكي ” الذي ألقى الضوء على عقل جون ستيوارت ميل الذي قاد مشروع المصالحة (خلق الهارمونيا) بين أطراف لا يمكن المصالحة بينهما . كل ذلك جاء في عمل ” شيرنشوسكي ” المعنون ” خلاصة الإقتصاد السياسي وفقاً لجون ستيوارت ميل ” (جاء في النص ميل فقط) [58].

  ومن زاوية الطرف التاريخي تحدث ” ماركس ” عن أوضاع الإقتصاد السياسي في كل من فرنسا وإنكلترا ، ومن ثم تحول نحو ألمانيا ، فأشار إلى ” إن العلم البرجوازي للإقتصاد السياسي يبدو ممكناً في ألمانيا ” وعاد وإستدرك فأفاد ” إلا إنه أصبح مستحيلاً مرة أخرى ” . وتحت هذه الظروف فإن الأكاديميين حسب رأي ” ماركس ” توزعوا ” في مجموعتين ؛ الأولى واجهت عبئاً كبيراً في الطرف التطبيقي ، ولذلك كانت أغلب عروضها فيها إعتذار للحالة المتردية للإقتصاد . والثانية كانت تتفاخر بكرامتها التخصصية في العلم ، ولهذا تابعوا محاولة ” جون ستيوارت ميل ” في مشروعه في المصالحة بين أطراف ليس في الإمكان المصالحة بينهما . وفي المرحلة الكلاسيكية فأن الإقتصاد البرجوازي ، وبالتحديد في فترة إنهياره ، فأن الألمان كان حالهم مثل فتيان المدارس ، يقلدون ويتابعون الأخرين [59].

  والحاصل من كل ذلك ؛ إن البرجوازين الألمان حاولوا أولاً قتل كتاب رأس المال وذلك من خلال صمتهم ، كما حاولوا (هكذا يقول ماركس) ” مع كتاباتي المبكرة ” حالما إكتشفوا إن فيها ستراتيجيات لم تعد تتوائم وشروط عصرهم . وثانياً كتبوا مشروعات نقدية سطحية لكتاب رأس المال ، وأعلنوا إن فيه ” عقار مهدأ للعقل البرجوازي ” . كما إنهم وجدوا في منشورات العمال مثل مقالات الفيلسوف الإشتراكي والصحفي الماركسي الألماني ” جوزيف ديتسكن ” (1828 – 1888) الذي كتب حسب ” ماركس ” مقالات أكثر عدائية من مواقفهم ” من ماركس وكتابه رأس المال [60]، والتي تتساند وستراتيجيات البرجوازية .

  وهذه الإشارة التي وردت عن الفيلسوف والإشتراكي ” جوزيف ديتسكن ” في كتاب رأس المال ، تحملنا على الإمساك بمصدر مهم من مصادر تفكير ” ماركس ” أو على الأقل من المصادر التي إقترح على ” إنجلز ” قراءتها ، ونحسب فيها ما يتعدى ذلك إلى طرف من الماركسية ، وهو المادية الديالكتيكية والإشتراكية العلمية . ومساهمة في إثراء الفكر الماركسي المعاصر . ولهذا نجد من اللازم أن نقف عند عتبات الفيلسوف والإشتراكي الألماني ” جوزيف ديتسكن ” . في الحقيقة ” ديتسكن ” شخصية متفردة في تاريخ الإشتراكية والفلسفة . فقد علم نفسه ذاتياً ، وطور مفهوم المادية الديالكتيكية بصورة مستقلة من كل من ” ماركس ” و ” أنجلز ” . كما هو فيلسوف مستقل بنظريته الإشتراكية . وإن كتاباته تركت أثراً كبيراً على تفكير ” فلاديمير لينين ” (1870 – 1924) والثورة الروسية عام 1917 .

  ومن المؤسف إن الفيلسوف والإشتراكي ” جوزيف ديتسكن ” مُغيبُ بصورة تكاد أن تكون مطلقة من الأدب الفلسفي والإشتراكي المعاصر . ونحسب وراء ذلك بروبكاندا سياسية تعمل لصالح كل من ” ماركس ” و ” إنجلز ” و لا تتسامح بكل من يمس أو يخدش مكانتهما العاجية العالية ، فكيف يكون مقبولاً الحديث عن ” جوزيف ديتسكن ” رائد مستقل لكل من المادية الديالكتيكية والإشتراكية العلمية . إنه منطق إستفزازي يتطلب إسكاته وإهماله وهكذا كان إهمال ” جوزيف ديتسكن ” وضمه إلى ذمة التاريخ .

  وقابل ” جوزيف ديتسكن ” ماركس لأول مرة خلال الثورة الألمانية عام 1848 . وبعد فشلها رحل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وعاش هناك للفترة ما بين 1849 وحتى 1851 . ومن ثم عاد إلى ألمانيا ، وزاره ماركس بصحبة إبنته ، وزعم ماركس إن ” ديتسكن ” تحول إلى فيلسوف للإشتراكية . وفي عام 1870 أتخذه ماركس صديقاً له ومدحه في نظريته في المادية الديالكتيكية ، وبالتحديد في المجلد الأول من كتاب رأس المال ، وفي الطبعة الألمانية الثانية .

  والحقيقة إننا نعلن هنا إلى إن كتابات كل من ماركس وإنجلز (بل وحتى لينين) تحتاج إلى دراسة أكاديمية تُراجعها في ضوء كتابات ” جوزيف ديتسكن ” وذلك لبيان الحاضر والغائب منها في كتاباتهم . خصوصاً إذا عرفنا أن ” جوزيف ديتسكن ” دشن عملية الكتابة والنشر في فترة مقاربة من الفترة التي بدأ بها ماركس الكتابة ، وهما بالطبع أبناء جيل واحد . وكارل ماركس نشر كتابه رأس المال عام 1867 وجوزيف ديتسكن نشر رائعته المعنونة طبيعة عمل العقل البشري عام 1869 . والحيرة إن هناك موقفين لماركس من ” جوزيف ديتسكن ” الأول فيه تردد ماركسي في تقييم إبداعه في مضمار المادية الديالكتيكية (ومنا والإشتراكية العلمية) ” . والثاني موقف ماركسي يُشيدُ ويمدح ” جوزيف ديتسكن ” في مضمار المادية الديالكتيكية في الطبعة الثانية من النشرة الألمانية لكتاب رأس المال [61].

  وكان ” جوزيف ديتسكن ” قارئ جيد لمؤلفات الفيلسوف الألماني ” لودفيغ فيورباخ ” (1804 – 1872) والتي مارست تأثيراً مبكراً على نظرياته . ولعل من أهم مؤلفات ” ديتسكن ” المبكرة كتابه الذي حمل عنوان ” طبيعة عمل العقل البشري ” والذي نشر تقريباً في أجواء تداول الجمهور الألماني لكتاب ماركس رأس المال في طبعة المجلد الأول الذي ظهر عام 1867 . والمهم هنا ، هو إن ماركس قرأ هذا الكتاب ، ومن ثم حوله إلى إنجلز ، وطلب منه قراءة الكتاب ، مع تعليق ماركسي ، يقول ” كان من الإفضل أن يُكثف ” .

  ومن مؤلفات ” جوزيف ديتسكن ” ، كتابه المعنون الإشتراكية العلمية والذي صدر عام 1873 . ومن ثم تلته مجموعة مؤلفات ، مثل ” الأخلاق والديمقراطية الإشتراكية ” عام 1875 و ” فلسفة الديمقراطية الإشتراكية ” عام 1876 ، و ” رسائل علم المنطق ” التي ظهرت خلال الفترة 1880 – 1884 . و مقالات فلسفية حول الإشتراكية والعلم والأخلاق[62]، و” النتيجة الإيجابية للفلسفة [63]. ومن محاولاته المتأخرة ، محاولته للمصالحة ما بين الفوضوية (الأدق اللاسلطوية) والماركسية [64].. وهذه قضية ستشغل تفكير عدد من المفكرين والفلاسفة المعاصرين ، منهم على سبيل المثال وليس الحصر ، مثابرة عالم اللنكوستيك الأمريكي نعوم شومسكي في كتابه المعنون حول الفوضوية أو الأدق اللاسلطوية [65].

  ولعل المهم في هذه المقدمة طرف أخر من تاريخ كتاب رأس المال ، وهو إن ” ماركس ” شارك القارئ في الأخبار الجديدة حول واقع إنتشار كتاب رأس المال ، فقد بث له في طبعته الثانية بالألمانية ، النجاحات الكبيرة  التي حققها الكتاب ، وذلك حين أعلن بأن طبعة روسية له ظهرت في ربيع عام 1872 . كما وأشار إلى إن النشرة الروسية تكونت من ثلاثة آلاف نسخة ، وهي في طريقها إلى النفاذ . ومن ثم أخبرنا بأنه في بواكير عام 1871 ظهر عمل ممتاز ، قام بكتابته البروفسور ” آن . سيبر ” أستاذ الإقتصاد السياسي في جامعة كييف ، والمعنون ” نظرية ديفيد ريكاردو ورأس المال ” . وفي هذا المقال أحال القارئ كما يقول ” ماركس ” ؛ إلى ” نظريتي القيمة وقيمة النقد (المال) ورأس المال ” ومن ثم عاد إلى عمل البروفسور ” آن . سيبر ” والذي أشار فيه إلى إن ” رأس المال (منا = أي كتاب ماركس) هو تكملة ضرورية أساس لتعاليم كل من آدم سميث وريكاردو ، وهو العمل الذي أدهش الأوربيين الغربيين . وإن قراءة هذا العمل ، فيها دلالة على إنسجام وإدراك ثابت للمؤلف للموقف النظري الخالص [66]

  وأختتم ” ماركس ” مقدمته للطبعة الألمانية الثانية ، بالحديث عن ميثديولوجيته في كتاب رأس المال . ولعل المهم إعتراف ” ماركس ” بأن هناك أطرافاً متنوعة من الأراء النقدية التي قيلت حول منهجيته التي توكأ عليها في كتابة رأس المال . فمثلاً أشار إلى إن هناك عدد قليل من فهم طريقة رأس المال . وهناك من يرى إنه تداول مفاهيم متنوعة ، وهي متناقضة بعض لبعض . كما وذكر ” ماركس ” إلى إنه في باريس فإن هناك من وبخه بسبب إنه عالج الإقتصاد بطريقة ميتافيزيقية . وهناك من تصور يقول ” ماركس ” ؛ ” بأنني سجنت نفسي في مضمار التحليل النقدي للحقائق الواقعية ، بدلاً من كتابة وصفات للمطاعم في المستقبل ” . ونحسب إن الإجابة على قضية التوبيخ حول تداول المنهج الميتافيزيقي ، إن البروفسور ” سيبر ” هو خير من عبر عنها بقوله ” لحد الآن فإن المثال على النظرية الواقعية ، هو طريقة ماركس ، وهي بالطبع الطريقة الإستنباطية للمدرسة الإنكليزية ، وهي المدرسة التي كان لها كبوات كما ولها فضائلها ، وهي على العموم الطريقة الأحسن للإقتصاديين النظريين [67].

   وإستمر ” ماركس ” يُناقش الإعتراضات النقدية على ميثديولوجيته في كتاب رأس المال . فذكر النقد الذي وجهه أم . بلوك ، والذي إصطنع إكتشافاً بلغة ” ماركس ” وذلك حين أكد على أن ” طريقتي هي نهج تحليلي ” . ومن ثم إستند إلى المراجعات الألمانية وإحتج بها. وذهب إلى أن هذه المراجعات تصرخ بصوت عال ، وتؤكد على إنها مجرد ” سفسطات هيجلية [68]. ومن ثم تحول ماركس إلى طرف آخر من تاريخ النقد لميثديولوجية رأس المال ، وهنا ركز على شخصية الناقد ، الذي أطلق عليه لقب ” الرسول الأوربي في بطرسبيرك ” والذي عالج في مقالة له طريقة رأس المال ، والذي وجد ” أن طريقتي في البحث كانت واقعية تماماً ” . من ثم رد ماركس عليه ، فقال ” ولكن طريقتي في العرض ، مع سوء الحظ ، هي الطريقة الديالكتيكية الألمانية ” . 

  وإنتقل ” ماركس ” إلى طرف آخر من الإعتراضات النقدية التي قيلت بحق ميثديولوجيا كتابه رأس المال . وهنا النقد إنطلق من الحكم المؤسس على الشكل الخارجي لعرض وتقديم الموضوع ، وذهب النقد مُحاججاً ، فأفاد ” فإذا كان ماركس على الأغلب مثالياً أكثر من الفلاسفة المثاليين ، وبالطبع دائماً في ألمانيا . وهذا هو المعنى السلبي لكلمة مثالي . ولكن في الحقيقة إن ماركس هو واقعي بصورة مطلقة ، وأكثر من أسلافه ، وخصوصاً في عمله النقدي في الإقتصاد . وهو على هذا الأساس لا يمكن أن نطلق عليه تسمية مثالي [69].

  ولاحظنا أنه بعد أن تأمل ” ماركس ” في أراء النقاد لمنهجيته في كتابة رائعته رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي  ، بين الإختلاف بين ميثديولوجيته في رأس المال والميثديولوجيا الهيجلية . فأفاد مفصلاً ؛ ” أن طريقتي الديالكتيكية ليست إنها تختلف عن الطريقة الهيجلية وحسب ، وإنما إتجاهها يسير بمسار معارض للطريقة الهيجلية ، فوفقاً لهيجل ، فإن الحياة هي التي تُشغل العقل البشري ، والعملية برُمتها هي التفكير والتي تندرج تحت إطار ” الفكرة ” والتي بدورها تتحول إلى موضوع مستقل ، وهو بالطبع العالم الحقيقي وهو خارجي فقط ، وهو الصورة الظاهرية للفكرة . ومعي (منا: اي ماركس) فإنه على العكس ؛ فالمثالي هو لاشئ أكثر من العالم المادي مُنعكساً في العقل البشري ، وتم ترجمته إلى صورة فكرية [70].

  وفعلاً فإن هذا هو الطرف المعتم المُلغز من الديالكتيك الهيجلي ، والذي وقف عند عتباته ” كارل ماركس ” ووجه له النقد كما أشار في المقدمة الثانية للنشرة الألمانية من كتاب رأس المال ، وبالتحديد من زاوية الطرف التاريخي ، والذي جاء ” قبل ما يقارب الثلاثين سنة مضت ” . وهنا كان ماركس يتحدث في لندن ، وبالتحديد في 24 كانون الثاني (جنيوري) من عام 1873 . وكان حينها مسكوناً بمشاعر البهجة وهو يُعالج هيجل ، فذهب ” ماركس ” مُفصلاً ، فأفاد ” وحينها كان الديالكتيك الهيجلي موضة العصر . إلا إنه من خلال عملي في المجلد الأول من رأس المال ، فإنه من البهجة والسرور أن اُعالج هيجل بالطريقة ذاتها ، شُجاعاً مثل ” موسى مندلسن [71] والذي كان معاصراً للسنج [72]، والذي عالج (أي مندلسن) إسبينوزا [73]” ككلب فطيسة ” . وأنا هنا أعترف صراحة بأنني تلميذ ذلك المفكر المتميز ، وحتى هنا وهناك ، فإن في الفصل حول نظرية القيمة ، كانت توليفة مقترنة بأشكال من التعبير المُعتم والمُشكل عليه (منا :أي على هيجل) . ولهذا نحسبُ أن هذه العُتمة التي لازمت الديالكتيك قد خلقت معاناة لهيجل ، ومن ثم عوقته من أن يكون الرائد في عرض أشكال من العمل العامة ، وبطريقة واعية وشاملة . والواقع إن الديالكتيك مع هيجل كان واقفاً على رأسه ، والأن من الضروري أن نُعيده إلى وضعه الصحيح (منا : أي يقف على قدميه) .. [74].

رابعاً – تصدير ” كارل ماركس ” للنشرة الفرنسية الثانية لكتاب رأس المال ، والتي رأت النور عام 1875 . والحقيقة ليس فيها شئ كثير يُضاف إلى ما قاله في النشرة الفرنسية الأولى ، سوى إنه أخبر القارئ عن بعض التعديلات التي تمت بشكل عام وسريع . ومن ثم أعلن بأن كتاب ” رأس المال ” في هذه النشرة ، قد طبع بصورة أجزاء . ولهذا إعترف بما حدث في هذه النشرة من عيوب . وفعلاً فقد أشار إلى فقدان الموازنة في العناية بالنص . مما كان الحاصل نقصان وخلل في الإنسجام و التناغم في الإسلوب .

 إستهل ” ماركس ” هذه المقدمة ، بالإشادة بجهود الفرنسي ” جوزيف روي [75]وهو المترجم لنشرة رأس المال الفرنسية الأولى ، والتي ظهرت عام 1872 [76]، وكانت مهمة ” روي ” إنتاج نشرة فرنسية دقيقة . إلا إنها كانت حرفية طبق الأصل قدر الإمكان . وفعلاً فقد أعلن ” ماركس ” بأن ” جوزيف روي ” قد أنجز مهمته حسب الإصول . إلا إن ” ماركس ” عاد وأعلن ، بأن مهمة ” روي ” قد حملته على عمل تكييفات للنص الفرنسي ليكون معقولاً للقارئ الفرنسي . وهذه التكييفات أو التعديلات كانت عملية مستمرة ما دام طبع الكتاب ، بسلسلة من الأجزاء .

  ونحسبُ إن ” ماركس ” إعتذر للقارئ عما حدث ، ووعده بأنه عندما يتوافر الوقت ، فإنه يتطلع إلى مراجعته في ضوء النص الأصلي للنشرة الألمانية الثانية . وهذا الخطاب الماركسي يحملنا على القول إلى إن النشرة الألمانية الثانية لكتاب رأس المال تحولت إلى ميزان وموديل ، تُقارن على أساسه النشرات الأخرى . كما وإعتذر عن الصعوبات في النص ، فوعد بتبسيط بعض الحجج وإكمال الحجج الأخرى ، وذلك بإضافة أطراف تاريخية ومواد إحصائية و مقترحات نقدية . وقدم تبريراً ماركسياً لا يستند على أساس ميثديولوجي ، وإنما في حقيقة الأمر يستند إلى فكرانية قبول الحال وإنه أحسن حال ممكن . فأعلن ” إنه مهما تكن العيوب في النشرة الفرنسية ، فهي ممكن أن تمتلك قيمة علمية مستقلة من النشرة الألمانية الأصلية (والحديث عن النشرة الألمانية الثانية بالطبع) . ومن ثم عاد الى القارئ ، وبالتخصيص ” القارئ العارف باللغة الألمانية ودعاه إلى المقارنة ” أي مقارنة النشرتين الفرنسية والألمانية . والواقع هذا الأمر لا يخص القارئ العام وأنما هذه مهمة الباحثين الأكاديميين . وهنا حصر ” ماركس ” هدف ووظيفة القارئ الفرنسي بفئة محدودة وهي فئة الأكاديميين الذين يعرفون اللغة الفرنسية ويمتلكون مهارات في اللغة الألمانية ، والتي تمكنهم من المقارنة والتقويم . والواقع إن في دعوة ” ماركس ” للقارئ الفرنسي بقراءة كتاب رأس المال باللغة الألمانية ، يكون قد سد الطريق على قراءة نص عليل باللغة الفرنسية . وفي هذه الدعوة الماركسية من طرف آخر إعلان عن موت النشرة الفرنسية وإنتصار للنشرة الألمانية الثانية .

  وكانت الخاتمة إعلان ماركسي ؛ بأنه في ” أدناه سأقدم نصوصاً من النشرة الألمانية ، والتي عالجت تطور الإقتصاد السياسي في ألمانيا وبطريقة تشتغل في العمل الراهن ” [77].

وعندما قرأنا النص ووصلنا إلى النهاية ، لم نجد نصوص ” ماركس ” من النشرة الألمانية التي عالجت تطور الإقتصاد السياسي في ألمانيا … وهذا فشل ماركسي ميثديولوجي في تصدير النشرة الفرنسية الثانية .

مقدمة إنجلز للنشرة الألمانية الثالثة لرأس المال : وبداية خط جديد

  في الواقع إن هذه المقدمة هي الأولى التي كتبها  ” فردريك إنجلز ” لكتاب ” كارل ماركس ”  رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي . وبالتحديد للنشرة الألمانية الثالثة والتي ظهرت عام 1883 . وبالطبع هذه النشرة رأت النور بعد وفاة ” كارل ماركس ” . فقد توفي في 14 أذار من عام 1883 والكتاب ظهر في 7 نوفمبر 1883 أي بعد سبعة أشهر من وفاة ماركس [78]. وفيها إعلان من قبل ” أنجلز ” على إنه حافظ على النص كما تركه ” ماركس ” مع بعض الملاحظات الطفيفة . وبالمناسبة إن إنجلز متمرس في الكتابة عامة وفي الإقتصاد خصوصاً وكتاباته في الإقتصاد السياسي تقدمت تاريخياً في النشر على كتابات ماركس . وهذه كلها شهادات على مكانة إنجلز في مضمار الرأسمالية ونقد الإقتصاد السياسي .

  ونحسب من النافع أن نُشير إلى إن ” أنجلز ” ظهر لنا في هذه المقدمة ، وكأنه تحرر من هالة ماركس بعض الشئ والتي كان مفتوناً بها في حياته ، وبدأ يشق له مساراً جديداً فيه نقد وتقويم للنهج الماركسي في عملية الكتابة والتدوين . فمثلاً أشار إلى إن ماركس ” لم يكن قد أعد هذه النشرة للطبع . ومعلوم للجميع إن هذا المفكر الذي يعترف بمكانته العظيمة خصومه ، قد مات في 14 أذار من عام 1883 ” (هكذا جاء نص إنجلز) [79].

  ومن ثم تحدث عن عمق صداقته بالمفكر الراحل ، فأشار بألم ” بالنسبة لي إنها خسارة كبيرة أن أفقد صديق وفي ، صرفت معه سنوات صداقة إمتدت أربعين عاماً . وهو الصديق الذي أدين له بالكثير ، والتي تعجز كلماتي من إستيعابها والتعبير عنها . والآن فمن واجبي أن أتحمل مسؤولية إعداد نشرة الطبعة الألمانية الثالثة . وكذلك العمل على إكمال المجلد الثاني الذي تركه ” ماركس ” مخطوطاً . وهنا سأعتمد على القارئ ، وأطلب منه أن يمنحني فرصة تحمل واجبي ، وخصوصاً في الطرف الأول من واجبي ” (منا = أي إعداد ونشر الطبعة الألمانية الثالثة من المجلد الأول من كتاب رأس المال) [80].

  ولاحظنا إن الطرف النقدي التقويمي الذي بدأ ” إنجلز ” يباشره بحذر ، أخذ ينمو ويتصاعد نبضه كلما إنخرط ” إنجلز ” في الكتابة وكلما إبتعد شبح ماركس من ناظريه وتحرر من سطوته وسلطته الكرازمية التي يعترف بها الجميع وبالتحديد خلال كتابة ” إنجلز ” لمقدمة الطبعة الألمانية الثالثة . والواقع هذا حق من حقوق ” إنجلز ” . إلا إن أنجلز ظل وفياً لعضيده الكبير ” ماركس ” على طول حياته . وفي هذه المقدمة للطبعة الألمانية الثالثة ، يعترف ” إنجلز ” بصراحة فيقول ” إن ماركس أعاد كتابة الجزء الكبير من نص المجلد الأول من كتاب رأس المال ، كما راجع صياغة العديد من الأطراف النظرية بدقة عالية ، وأضاف مواد عديدة إلى النص ، وخصوصاً مواد تاريخية وإحصائية ، وجدد في مواد سابقة منها ” [81].

  وفي مضمار التقويم ، فإن ” إنجلز ” يُعلي من كعب ” ماركس ” في هذا الإنجاز الماركسي ، ويتخذ منه موديلاً ودليلاً موجهاً له في عمله القادم ، وهو إنجاز النشرة النهائية للمجلد الثاني المأمول من مشروع رأس المال : نقد الفكر السياسي . وهنا يعترف ” إنجلز ” بمصادر عمله والتي فيها عودة إلى ” ماركس ” وأعماله السابقة . فأشار ” أنجلز ” موضحاً بتفاصيل طريق العودة إلى دائرة تفكير ” ماركس ” . فقال ” ولعل من التغييرات الأكثر ألحاحاً ، والتي عملت على ضمها ، إنها جاءت من النشرة الفرنسية لكتاب رأس المال ، ترجمة ” جوزيف روي ” ونشرة موريس لاشر لعام 1873 ” والتي تم الإشارة إليها سابقاً [82]

  ولعل من المصادر التي أعانت ” إنجلز ” في مهمته بعد موت ” ماركس ” ، الكتب التي تركها ” ماركس ” المطبوعة منها والمخطوطة . وخصوصاً أولاً الكتب والمخطوطات الألمانية التي عمل عليها تصحيحات هنا وهناك والتي أنجزها بنفسه . وثانياً المراجع التي قدمها إلى النشرة الفرنسية ، وبعض المقاطع التي أضافها إلى النشرة الفرنسية وأكد عليها . ويعترف ” إنجلز ” بصراحة فيقول ” إن كل هذه التغييرات والإضافات تم إحتوائها مع القليل من الإستثناءات . وإنه أضاف إلى الجزء الأخير من كتاب رأس المال ، القسم المعنون ” تراكم رأس المال [83]

  ومن ثم تحول إلى أطراف أخرى من رؤيته التقويمية ، فأوضح حقيقة تخص النص ، فأشار إلى إن النص ” تابع النسخة الأصلية أكثر من أي مكان أخر . وإن الأقسام القديمة من النص إستمرت كما هي . أما من طرف الإسلوب ، فهو على العموم ممتع ، ولكنه لا يخلو من إهمال وهنات ، كما وإن هناك في بعض الأجزاء إلتباس وغموض ، وبعض الفراغات هنا وهناك ، وخصوصاً في عرض الحجج . وبعض الأجزاء هناك والتي جاءت على صورة تلميحات فقط . أما من طرف الإسلوب ، فإن ” إنجلز ” يعترف بأمانة وإخلاص العضيد الوفي ، فيُفيد ” بأن ماركس عمل بنفسه مراجعات للعديد من الإقسام الفرعية لكتاب رأس المال ” وإشار إلى ” إنجلز ” بعض الإقتراحات كتابة وبعضاً منها وهي كثيرة فقد إقترحها شفهياً .

  ومن باب الإقتراحات الشفهية التي تقدم بها ماركس ، فهو أمر يعتمدُ على زاوية نظر ” إنجلز ” ، وذلك لأن ” ماركس ” في عالم الغيب يوم كتب ” إنجلز ” مقدمة الطبعة الألمانية الثالثة . وإن ” أنجلز ” هو الحاضر الوحيد ولا شاهد آخر على الإطلاق .  وهذا يعني لنا بأن شاهدة  ” إنجلز ” متقردة في التاريخ (وهو الشاهد والحاكم ولا راد لشاهدته وحكمه) . و” إنجلز ”  بدوره يعتمد على نفسه ، فيقول  ” وبمقدار ما أستطيع من حذف الحدود الفنية الإنكليزية (منا ” بالطبع التي أضافها ماركس) ، ومن ثم فإن ماركس كان يتطلع إلى إضافة طرفاً فرنسياً شفافاً على نصه الألماني . وأنا (أي إنجلز) مقتنع بأنها ستوفر نوعاً من الهرمونيا (الإنسجام والتناغم) مع النص الأصلي ” [84].

  ومن زاوية الطرف التاريخي للمقدمة التي كتبها ” إنجلز ” للطبعة الألمانية الثالثة لكتاب رأس المال ، نلحظ فيها إعلان واضح ، وهو إن ” إنجلز ” أبقى نص ” رأس المال ” على حاله في النشرة الألمانية الثالثة ، وإنه لم يمسه بأية تغييرات ، دون قناعة ثابتة من المؤلف (أي ماركس) ، كما إن النص لم يحمل إنجلز على الإقتناع ، بإن المؤلف (أي ماركس) تطلع إلى تغييرها أو تعديلها . وإن مثل هذه ” التغييرات سوف لن تحدث على الإطلاق ، كما تمنى الإقتصاديون الألمان ، والذين يتطلعون إلى إحداث تعديلات على الإصطلاحات (الجاركن الألمانية) من مثل الدفع الفوري (الكاش) لإجور عملهم ، ومن مثل ” البائع للعمل ” (ليبر كفر) و ” المشتري للعمل (ليبر تكر) . كما هو الحال في العلوم الطبيعية ، فإذا كان السائد والمتداول في أسواق العالم ، المقياس الإنكليزي ، وخصوصاً في الوزن فإنه من الطبيعي أن تكون الوحدات الإنكليزية في المقاييس هي المتداولة في كتاب ، ختار ثوابته الواقعية بشمولية من العلاقات الصناعية البريطانية . وبسبب إن هذه العلاقات هي السائدة في عالم السوق ، فإنه من الصعوبة تغييرها . ولهذا فرضت المقاييس والموازين الإنكليزية هيمنتها على السوق تماماً ، وأصبحت مفتاح الصناعات في مضماري الحديد والقطن [85].

  ومن الطرف التقويم النقدي لنهج ” كارل ماركس ” ، ذهب عضيده ” إنجلز ” في المقدمة للطبعة الثالثة الألمانية مُعلقاً على الهنات التي لازمت ميثديولوجيته في رائعته في نقد الإقتصاد السياسي  ، فأفاد موضحاً ؛ ” في الخاتمة ، فهناك بعض الكلمات يمكن قولها عن فن ماركس في طريقة الإقتباس (منا : ونحسب إن إنجلز هنا أباح عن عيوب طريقة ماركس في الإقتباس) وهناك القليل جداً لفهمها ، فعندما تكون هناك قضايا حول الحقيقة أو الوصف ، فالإقتباسات من الكتب الإنكليزية الزرقاء (وغالباً كتب إعلانات تقدم إحصائيات ..) على سبيل التمثيل ، والتي قدمت شاهداً أو برهان توثيقي . ولكن هذا الحال يكون مختلفاً عند إقتباس آراء نظرية لعدد من الإقتصاديين الآخرين . وهنا إن الإقتباس تطلع إلى بيان أين ومتى وبواسطة من تم إدراك الفكرة الإقتصادية ، وهي في حالة تطور وكانت واضحة أولاً في المنصوص عليها [86].

  وفي نهاية هذا التقديم للطبعة الألمانية الثالثة ، الذي كتبه ” فردريك أنجلز ” إلى كتاب رأس المال : نقد الفكر السياسي ، تحول ” إنجلز ” صوب طرف آخر من نقده المكشوف لعضيده ” كارل ماركس ” ، فأفاد ” وهنا فأن الإعتبار الوحيد ، هو الفهم الإقتصادي في السؤال ، والذي يجب أن يكون له بعض الدلالات في تاريخ العلم . وربما هذا التعبير له ملائمة أكثر (أو أقل) في التعبير النظري للموقف الإقتصادي في عصره (أي عصر ماركس) . وسواء إن هذا الفهم لازال يمتلك نوعاً من الصدقية المطلقة (أو النسبية) من زاوية المؤلف (والمؤلف هو ماركس) . أو سواء إنها دخلت تماماً في ذمة التاريخ (وجزء من ذاكرة الماضي)” [87].

   ومُسك الختام في تقديم ” أنجلز ” ، هو نقد لميثديولوجيا ” كارل ماركس ” وبالتحديد في وظيفة الإقتباسات التي تداولها ” ماركس ” في النشرة الثالثة للطبعة الألمانية لرائعته ” رأس المال ” ، والتي وجد فيها ” أنجلز ” ، ” إنها إقتباسات كانت تشتغل لتقديم شروح للنص ، شروح تم إقتباسها من تاريخ علم الإقتصاد ، والتي بدورها كونت معطيات لعبت دوراً في إنجاز تقدم كبير لصالح النظرية الإقتصادية . وهذا كان أمراً ضرورياً في مضمار العلم ، والذي منح في الوقت ذاته مؤرخو العلم درجات من التسامي والعلو ، وأن يميزوا أنفسهم من الوصوليين المسكونيين بالجهل المتحيز[88].

مقدمة إنجلز للنشرة الإنكليزية الأولى : لماذا تأخرت ؟

   في الواقع إن لهذه النشرة تاريخ ، بدأ في حياة ماركس ، والذي عمل بكل جد لظهورها في حياته . وفعلاً فقد تحدث عنها مع زميله المترجم ” صامويل مور ” الذي تعهد بدوره من أجل إنجازها . إلا إن موت ” ماركس ” جاء سريعاً فعطل هذه النشرة . ومن ثم جدد إنجلز العمل على نشرها ، ومن ثم حث السير والهمم لإكمالها بسرعة .  والحقيقة إن أطرافاً من قصتها تحكيها مقدمة ” إنجلز ” للنشرة الإنكليزية الحالية لكتاب ” ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي والتي صدرت عام 1886 [89]. فمن الملاحظ إن ” إنجلز ” رفع في بداية المقدمة سؤالاً في غاية الأهمية من الطرف التاريخي لكتاب ” رأس المال ” . وسؤال ” أنجلز ” كان ؛ لماذا تأخرت النشرة الإنكليزية لكتاب رأس المال حتى هذا التأريخ ؟[90]. وأحسب إن أطرافاً من الأجابة على هذا السؤال ، يتحمل مسؤوليتها ” أنجلز ” فهو يتقنُ الإنكليزية والألمانية والفرنسية على حد سواء ، بل ويذكر الباحث ” بول لافيرجو ” في مقاله الذي نشره في عام 1905 أي بعد عشر سنوات من موت ” إنجلز ” وهي شهادة تاريخية جداً مهمة ، خصوصاً إن هناك عدداً من الأحياء الذين عاصروا ” إنجلز ” ، فقد أشار إلى إن ” أنجلز ” ” يتقن أكثر من عشرين لغة [91]. ويبدو من جهة أخرى إن ” ماركس ” يتحمل أطرافاً أخرى من هذه المسؤولية كذلك ، فقد كان يتقنُ الألمانية والفرنسية ومن ثم الأنكليزية وهذا الإشكال ربما سنجد له أسبابه . فمن المعروف أن كلاً من ” إنجلز ” ومن ثم ” ماركس ” عاشا في بريطانيا ردحاً من الزمن قبل أن يبدأ ” ماركس ” كتابة رأس المال . فمثلاً أن ” أنجلز ” وصل إليها ، وبالتحديد إلى مدينة مانشستر في عام 1842 أي قبل نشرة رأس المال بحدود الخمسة والعشرين سنة [92]. ومن طرف ” ماركس ” فقد وصل بريطانيا عام 1849 أي قبل كتابة ” رأس المال ” بحدود الثمانية عشرة سنة [93]. كما إن العضيد إنجلز كان سباقاً على ماركس في الكتابة في مضمار الإقتصاد ، وخصوصاً في مضمار نقد الإقتصاد السياسي .

   إستهل ” إنجلز ” المقدمة بالإشارة إلى إن هذه النشرة الإنكليزية لا تحتاج إلى الدفاع ، وإنما على العكس تتطلب التوضيح وبيان ” لمذا تأخرت لحد الآن ؟ ” وخصوصاً بعد شيوع نظريات في السنوات الماضية ، بعضها يُدافع عن كتاب رأس المال ، وبعضها يُهاجمه ، بعضها قدم تفسيراً لطرفه ، والآخر أساء تفسيره ووقع في دائرة التدجيل ، وبعضها نشرته مجلات دورية ، وبعضها صدر من دوائر الآدب الراهن وفي كل من إنكلترا وأمريكا [94].

   ومن ثم ألقى ” إنجلز ” الضوء على الظروف الملحة لتوافر نشرة إنكليزية لكتاب رأس المال : نقد اللإقتصاد السياسي ، وكان في مقدمتها ” موت ماركس ” عام 1883 ، وهو ظرف جديد يتطلب بإلحاح على ضرورة توافر نشرة إنكليزية حقيقية لهذه الرائعة الإقتصادية الماركسية . والواقع إن النشرة الإنكليزية لم يُترجمها ” ماركس ” ولم يُترجمها عضيده ” إنجلز ” وهذه قضية تُلفت الأنظار .

   والواقع إن ترجمة ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” قام بها حسب شهادة ” إنجلز ” السيد ” صامويل مور ” والذي ترجم القسم الأول أما القسم الثاني فله قصة سنقرأها فيما بعد . و” صامويل مور ” كان صديقاً لكارل ماركس وإنجلز لسنوات عديدة . وبالطبع السيد مور بعد سنتين من ترجمة القسم الأول من رأس المال ، ترجم كذلك البيان الشيوعي إلى الإنكليزية عام 1888 وبالتعاون مع ” فردريك أنجلز “) والذي صدر بالإنكليزية بعد أربعين سنة من ظهوره بالإلمانية وظهرت النشرة الإنكليزية بعد موت ماركس بخمسة سنوات فقط . والسيد ” مور ” هو كاتب معاصر ، وفي شخصيته ” الكثير من الإيجابيات ، وعلى حد تعبير إنجلز ربما لا أحد أكثر منه إلماماً بكتاب رأس المال بحد ذاته .

  وفعلاً فقد تعهد السيد ” مور ” بالترجمة ، ولما كانت ترجمته حرفية ، فإن ” ماركس ” كان حساساً ويسكنه بعض القلق ، في وضع هذه الترجمة بيد الجمهور . أما من طرفي (أي أنجلز) فسأقوم بمقارنة ترجمة السيد ” مور ” بالعمل الأصلي . وبالطبع سأقترح عليه تغييرات في الترجمة . وفي الوقت ذاته وجدنا إن مهام السيد ” مور ” المهنية ستمنعه من إكمال الترجمة . وبسرعة كما تمنينا فقد قبلنا بتعهد الدكتور إفيلنج بترجمة أجزاء من العمل (رأس المال) [95].

  ومن ثم أشار في الوقت ذاته إلى السيدة إفيلنج ( وهي البنت الصغرى لكارل ماركس) وحسب خطاب ” إنجلز ” هي التي قامت بالتدقيق في نصوص رأس المال في النشرة الألمانية ، ووجدت إنه أخذها من مؤلفين إنكليز ، وبالتحديد من نشرات الكتب الزرقاء ، والتي ترجمها ” ماركس ” من الإنكليزية إلى الألمانية ، وتم إنجازُها مع بعض الإستثناءات ” [96]. وهذه الإشارة من قبل ” إنجلز ” إلى بنت ماركس ، السيدة إيلينور صاحبة (أو زوجة) أدورد إفيلنج الذي ترجم أجزاء من رأس المال إلى الإنكليزية تحملنا على التدقيق فيها ، ولاحظنا الحقائق الآتية :

أولاً – إن ماركس لم يُكلف ” إنجلز ” بمهمة العناية بنشر مخطوطاته غير الكاملة ، أو العناية بالترجمة الإنكيزية لرائعته رأس المال (وهذا ما يتعارض وكلام إنجلز) .

ثانياً – إنما وجدنا إن ماركس حمل قبيل موته إبنته ” إيلينور ” بمسؤولية الإشراف على منشوراته وقد وثقت ذلك في كتاب سبارتكوس التربوي [97].

ثالثاً – إن علاقة إيلينور ماركس وصاحبها الدكتور آدورد إفيلنج كانت جداً قوية بإنجلز . والشاهد على ذلك إن إفيلنج قام بترجمة كتاب ” أنجلز ” المعنون ” الإشتراكية الطوباوية والعلمية . وهذا الكتاب له قصة ، فقد نشره ” إنجلز ” بالألمانية في حياة ” ماركس ” ، وبالتحديد قبل موت ” ماركس ” بخمس سنوات ، وبعنوان ” ضد دهرنك ” عام 1878 وهو كتاب ضد الفيلسوف الألماني والإقتصادي والإشتراكي يوجين دهرنك (1833 – 1921) ، ومن ثم بعنوان ” الإشتراكية الطوباوية والعلمية ”  والذي ترجم إلى الإنكليزية عام 1892 ، وهو في الأصل الفصوله الثلاثة الأولى التي تم إنتزاعها ونشرها من كتاب ” ضد دهرنك ” [98]. والحقيقة إن ” يوجين دهرنك ” ناقد عنيد للماركسية ، ومن أهم أعماله المبكرة ، كتابه المعنون ” رأس المال والعمل ” والذي نشره عام 1865 أي قبل نشر ” ماركس ” لرائعة ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” بحدود السنتين من الزمن . وهذا الحال يحملنا على المطالبة بإجراء دراسة نقدية لكتاب ماركس ” رأس المال ” من زاوية ” كتاب ” يوجين دهرنك ” والمعنون ” رأس المال والعمل [99].

  وعودة إلى مقدمة ” فردريك أنجلز ” للنشرة الإنكليزية لرائعة ” ماركس ” والتي نشرها إنجلز عام 1886 . فإننا نقف عند عتبات طرف أخر من الترجمة التي أنجزها الدكتور إفيلنج لأقسام من كتاب ” رأس المال ” والتي جاءت بالشكل الآتي :

1 – الفصول العاشر والمعنون ” يوم العمل ” ، والحادي عشر والمعنون ” النسبة وإجمال فائض القيمة ” .

2 – القسم السادس وبعنوان (الإجور) والذي يتألف من الفصول التاسع عشر وحتى الثاني والعشرين ) .

3 – من الفصل الرابع والعشرين ، القسم الرابع وبعنوان ” الظروف الخ .. ” وحتى نهاية الكتاب ، فإنه يضم الجزء الأخير من الفصل الرابع والعشرين .. الفصل الخامس والعشرين ، والقسم الثامن بمجمله ، الفصول السادس والعشرين وحتى الثالث والثلاثين .

4 – ضم مقدمتين (للترجمتين) .

  والبقية من الكتاب ترجمها السيد مور . وإن كل واحد من المترجمين كان مسؤولاً قانونياً عن القسم الذي قام بترجمته . وأنا (أنجلز) ” أتحمل المسؤولية المشتركة لمجمل الكتاب ” [100].

 ونحسبُ من النافع الإشارة إلى ” أنجلز ” لم يتردد من إخبار الباحثين والقراء بحقيقة ميثديولوجية تخص جوهر النشرة الحالية ، وهي تخص الأساس الذي تم الإستناد إليه في إنشاء النشرة الإنكليزية لكتاب رأس المال ، وهي القاعدة ذاتها ” للنشرة الألمانية الثالثة ، والتي تم ترتيبها بمساعدة المؤلف (أي ماركس) عام 1883 ، ومن خلال الملاحظات التي خلفها وراءه ، والتي دللت على إن بعض المقاطع من النشرة الثانية قد تم تغييرها بمقاطع جديدة، وبالتحديد هذا حدث إثناء إعداد نشرة النص الفرنسي عام 1873 [101]. وبالطبع هذه التغييرات قد أثرت على النص في النشرة الثانية ، والتي تم إعتمادها على العموم ، مع تغييرات عينها ماركس في مجموعة التعليمات التي وجهها إلى السيد مور للترجمة الإنكليزية التي كان يُخطط لها ، وبالتحديد قبل عشر سنوات مضت . وفي أمريكا تم إغفالها بصورة رئيسية تماشياً مع رغبة المترجم ” [102].

  ومن زاوية الطرف التاريخي المعني برصد ما جرى على ترجمات ونشرات رائعة ” ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، يحملنا على القول إن إنجلز هنا يتكلم عن وجود ترجمات إنكليزية آخرى لكتاب رأس المال حدثت في أمريكا ، وإن مصداقية ذلك ستبينها بعض التفاصيل في مقدمة ” إنجلز ” للنشرة الإنكليزية التي قام بترجمتها تعهداً كلاً من السيد صماويل مور ، والدكتور أدورد إفيلنج .

  وفي عتبات من المقدمة التي كتبها إنجلز للنشرة الإنكليزية ، أشار إلى صديق له في أمريكا ، وبالتحديد في هوبكن ، وهي مهمة جداً ، وذلك من حيث إن فيها كشف عن حقيقة النشرة الأمريكية ، فأشار إلى أن ” صديقنا السيد ” أف . أي . سورجي ” من ” هوبكن . ن . ج ” قد وضع بعض الإضافات محل الترتيبات التي قام بها السيد مور … ” . ونحسب هذه الإشارة إلى الصديق سورجي في مقدمة ” فردريك إنجلز ” ، فيها تدليس وغموض ، وتحتاج إلى بحث وتنقيب في شخصية الصديق سورجي للكشف عن المضموم وراء إشارة إنجلز المقتضبة الغامضة . ونظن إن السيد إنجلز قد صاغها بعناية لإخفاء حقيقة وراء النشرة الإنكليزية لكتاب رأس المال في أمريكا . وفعلاً فإن البحث عن شخصية الصديق سورجي قادتنا لطرف مضموم من تاريخ النشرة الإنكليزية لرائعة ” كارل ماركس ” رأس المال .

  وهنا ولأول مرة على الأقل في تاريخ الثقافة العربية المعاصرة ، نكشف عن المضموم في نشرة السيد فردريك إنجلز ، التي أشرف عليها ، وبالصورة الآتية :

أولاً – إن نشرة رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، التي ترجمها إلى الإنكليزية كل من صماويل مور والدكتور أدورد إفيلنج ، وأشرف عليها العضيد إنجلز . لم تكن الأولى على الإطلاق ، وإنما تقدمت عليها نشرة بالإنكليزية ، وصدرت في أمريكا ، وبعنوان ” مختارات من رأس المال لكارل ماركس [103].

ثانياً – قام بترجمتها السيد أوتا ويدمير

ثالثاً – تم نشر الكتاب في أمريكا ، وبالتحديد في هوبكن نيوجرسي .

رابعاً – إن هذه النشرة الأمريكية (وبالطبع ترجمتها) تقدمت على النشرة الإنكليزية التي أشرف عليها ” فردريك إنجلز ” والتي صدرت عام 1886 ، بحدود الإحد عشر سنة ، فقد صدرت في أمريكا عام 1875 . وبهذا مسكنا بسر سكوت ” إنجلز ” عن تقديم تفاصيل كافية عن النشرة الأمريكية لكتيب صغير (لم تتجاوز صفحاته 42 صفحة) وبعنوان ” مختارات رأس المال لكارل ماركس ” والذي قام بترجمته السيد أوتا ويدمير [104]، وأشرف عليها الصديق فردريك آدولف سورجي (1828 – 1906) . وهو شيوعي ألماني ، هرب إلى الولايات المتحدة ، ولعب دوراً في حركة العمل (العمال) الأمريكية . وهو في الأصل من الثوار الألمان عام 1848 وكان عمره يومذاك تسعة عشر ربيعاً ، وحكم عليه بالموت بألمانيا ، فهرب إلى بلدان أوربية مختلفة ، ومن ثم إستقر في لندن وأصيب بالكوليرا ، وبعد شفاءه سافر بحراً إلى نيويورك ، ووصلها عام 1852 ، وعمل معلماً للموسيقى ، وتزوج وإستقر في هوبكن – نيوجرسي . وفي عام 1857 إلتحق بكل من ” ألبرت كومب ” والذي كان يُراسل ماركس ، و ” فيرتز جاكوبي ” وشكلوا ” النادي الشيوعي في نيويورك ” وهو نادي ثقافي يعمل على إنهاء العبودية .

  وتحول سورجي إلى ناشط إشتراكي في عام 1865 ، ومن ثم تحول بعد الحرب الأهلية الأمريكية إلى واحد من المناصرين القيادين لوجهة نظر ماركس في الولايات المتحدة الأمريكية . وفعلاً فإن ” سورجي ” راسل ماركس بإنتظام ، وبالتحديد خلال الستينات من القرن التاسع عشر (1860) وحتى وفاة ماركس عام 1883 . وإنجلز بدوره زار سورجي في هوبكن عام 1888 ، وبعدها تقاعد سورجي من السياسة . وساهم سورجي في الكتابة في المجلة الماركسية الألمانية منذ عام 1891 وحتى عام 1898 ، ووفقاً لشهادة الدكتور أدورد إفيلنج (خطيب إبنة ماركس ومترجم جزء من رأس المال إلى الإنكليزية) ؛ إن ” سورجي واحد من المقربين ، بل وصديق حميم ، في السنوات الآخيرة لكل من ماركس وإنجلز [105].

   ومن ثم نعود إلى نشرة إنجلز الإنكليزية 1886 لنكشف عن إفاداته الأخرى الخاصة بهذه النشرة . وهذه المرة ركز إنجلز على الحدود (منا : وهي المفاهيم الأولية في العلوم المختلفة) وهو بالطبع طرف من مضمار لغة كتاب رأس المال . فأشار إلى أن واحدة من الصعوبات في “رأس المال ” ، هي الحدود وهذه مشكلة تواجهها جميع العلوم ، وبالتحديد في مضمار اللغة . واللغة تتألف من حدود معينة ، وفي ميدان العلوم إن الحدود لها معاني متنوعة تختلف مما هي عليه في التداول والإستعمال الشائع لها . وهذا الحال لا يقتصر على الحياة العامة اليومية وحسب ، بل يشمل الإقتصاد السياسي . ويرى إنجلز إن هذه القضية ليس في الإمكان تجاهلها أو تجنبها . فمثلاً إن كل العلوم تواجه ثورة في الحدود التقنية ، وهذا الأمر يمكن ملاحظته في أحسن الأحوال في مضمار الكيمياء ، حيث إن مجمل حدودها تتغير راديكالياً (منا : جذرياً) كل عشرين سنة . حيث من الصعوبة إن تجد ” مركب عضوي ” واحد يظل مستقر على حال ثابت ، بل يتعرض دائماً إلى التغيير ، وتجري عليه تبديلات متنوعة ، وتُستخدم للتعبير عنه سلسلة من الأسماء المختلفة . وفي مضمار الإقتصاد السياسي يظن إنجلز إنه في الإمكان السيطرة على هذه الحال . فمثلاً الحدود في الحياة الصناعية والتجارية يمكن أن تعمل ، ولكن قد تتعرض إلى العطالة ويمسها الفشل عند التداول والإستخدام . أو تقتصر بحد ذاتها في التعامل مع دائرة ضيقة من الأفكار التي ترتبط بهذه الحدود (أو المفاهيم) [106].

  ومن الملاحظ على ميثديولوجيا ” إنجلز ” ، إنها توقفت عن الحديث عن مضمار الحدود العام (ويبدو لنا إن قطعاً قد حدث في عبارة إنجلز) ، وتحولت للحديث عن مضامين وأمثلة إقتصادية ، دون أي تقديم تمهيدي لهذا التحول بحيث يربط السابق باللاحق . فتحدث إنجلز وفي كلامه نقداً للإقتصاد السياسي الكلاسيكي  فقال موضحاً : ” وهكذا فبالرغم من الوعي الكامل بأن هناك أرباح وريع ، وإن هناك تقسيمات فرعية من مثل أجزاء من القسم المنتوج ، والتي تتطلب من العامل أن يقوم بتوفيرها إلى رب العمل (هو المستولي الأول ، رغم إنه لم يكن المالك الوحيد) . ولحد الآن فإن الإقتصاد السياسي الكلاسيكي لم يتقدم خطوة إلى الأمام بالمفاهيم التي كانت متداولة حول الإرباح والريع ، بل ولم يفحص ويُدقق بالجزء غير المدفوع (منا أجره) من المنتوج ( والذي يطلق عليه ماركس فائض المنتوج) .. ولذلك لم يتمكن (منا الإقتصاد السياسي الكلاسيكي) من الوصول إلى فهم شامل ، سواء لإصوله وطبيعته ، أو (لفهم) قوانين تنظيم التوزيع اللاحق لقيمته [107].  

  وبطريقة مشابهة حسب شهادة ” إنجلز ” هذا ما حدث نتيجة للثورة الصناعية في كل من بريطانيا وفرنسا على الأقل وبصورة أقل في ألمانيا ، ومن خلال مقارنته للإقتصاد في فترة التصنيع التقليدي ، فإنه ذهب مُعلقاً ومقارناً بين فترتين مهمتين في تاريخ الإقتصاد الغربي ، فأفاد ” وبطريقة مشابهة فإن كل المصانع ، وليس الزراعة والحرف ، دون تمييز قد تم ضمها إلى حدود ” التصنيع ” . ولذلك تم الخلط بين فترتين كبيرتين من تاريخ الإقتصاد ، وهما بالطبع فترتان مختلفتان جوهرياً ؛ فترة التصنيع التقليدي ، والتي تنهض على تقسيم العمل اليدوي . وفترة التصنيع الحديث ، التي تنهض على إستخدام المكننة (المكائن الحديثة) وهذه شهادة على الإنتاج الرأسمالي الحديث ، وهي مرحلة مهمة في تاريخ الإقتصاد الذي عاشته الإنسانية . وعلى هذه الأساس ينبغي تداول حدود مختلفة (منا : ألف باء لغة إقتصادية جديدة) وبالطبع تختلف عن الحدود المألوفة التي إعتاد الكتاب التقليديين تداولها في نصوصهم وكتاباتهم . وهذا دليل واضح على إن النظرية التي تُراجع الإنتاج الرأسمالي الحديث قد تجاوزت مرحلة من تاريخ البشرية ، وهي المرحلة التي ترى إن صورة الإنتاج في عصرها خالدة ونهائية [108].

  ومن ثم يُنبه ” إنجلز ” إلى طريقة الإقتباس ، التي تداولها ماركس مرة أخرى . وبالطبع هنا نقدُ منهجي من العضيد ” إنجلز ” إلى العضيد ” ماركس ” ، فيقول ” ومع الإحترام لطريقة المؤلف في الإقتباس ، فهي في الواقع ليست خارج المكان . بل إن الإقتباسات في معظم الحالات قد تم توظيفها على شكل دليل توثيقي لدعم التأكيدات التي صُنعت في النص . ولكن في العديد من الأمثلة فإن النصوص التي تم إقتباسها من الكُتاب الإقتصاديين ، كان الغرض منها أن تدل على زمان ومكان وشخصية الكاتب الذي تداول هذه القضايا لأول مرة في النصوص  . وفعلاً فإن هذا تم إنجازه في حالات من الإقتباسات ، وفي أماكن أكثر أهمية (أو أقل) وفي تعابير أكثر ملائمة في شروط الإنتاج الإشتراكي ، كما وفي التبادل السائد في ذلك الوقت . وبصرف النظر من إعتراف ماركس بسلامتها ، فإن هذه الإقتباسات كونت بحد ذاتها ملاحق إضافية للنص ، وكونت مضماراً شارحاً لها ، وهي مستمدة من تاريخ العلم [109].

  ويبدو لنا إن لغة الخطاب في التقديم الذي كتبه ” إنجلز ” للنشرة الإنكليزية ، فيه إشكال للباحث الأكاديمي ، فهو خطاب يُعاني من إعتلال في تسمية الإشياء بمسمياتها . مثلاً إن ” إنجلز ” لم يكن مترجماً لكتاب رأس المال وهذا حق . وإن المترجمين هما كل من الصديق الوفي مور الذي ترجم الجزء الأول من المجلد الأول ، والدكتور البايولوجي وخطيب بنت ماركس ” أدورد إفيلنج ” الذي ترجم الجزء الثاني من المجلد الأول وهذا حق يعرفه ” إنجلز ” ، ويعرفه المترجمان و تعرفه بنت ماركس ” إيلينور ” بصورة مطلقة . والذي حدث هو إن ” أنجلز ” تكلم في مقدمته للنشرة الإنكليزية بضمير الجماعة ، فمرر الإشكال الإغلوطة بوعي أو دون وعي . وبحس ميثديولوجي أكاديمي نُنبه ونُلفت الأنظار إليه ونُسجل تحفظنا عليه ، حيث قال ” إنجلز ” وهو يفصل بأطراف من هموم النشرة الإنكليزية ، فأفاد ” وترجمتنا [110] والحقيقة هي ليست على الإطلاق ” ترجمتنا ” . وإنما هي ترجمة كل من ” الصديق الوفي صماويل مور ” و” الدكتور أدورد إفيلنج ” ، وهي حسب خطاب ” إنجلز ” تتألف من ” الكتاب الأول فقط (منا : والأدق المجلد الأول) . والكتاب الأول هو ميزان بالغ الأهمية للعمل كله (منا : أي رائعة رأس المال بمجلداتها الثلاث) والذي ظل (منا : أي المجلد الأول) لمدة عشرين سنة عملاً مستقلاً بحد ذاته . أما الكتاب الثاني (منا : أي المجلد الثاني) فقد قمت بطبعه (منا : أي أنجلز) بالألمانية في عام 1885 (منا : أي بعد وفاة ماركس بسنتين) . وهو بالتأكيد ظل عملاً ناقصاً دون نشر المجلد الثالث ، والذي لم يُنشر قبل نهاية عام 1887 . وفعلاً فإن الكتاب الثالث ظهر إلى الأنظار بطبعته الألمانية الأصلية . ولهذا أصبح من المناسب التفكير ، في إعدادهما لنشرة إنكليزية سوية [111].

  ولعل من النافع أن نُخبر القارئ العربي ، بحقيقة تخص ” إنجلز ” ورائعة ” ماركس ” رأس المال . فهو عندما يتحدث عن رأس المال ، فهو حديث له خصوصيته ، وبالتحديد حديث عن جمهور القارة (أي القارة الأوربية) ، ومن ثم بيان كيف تعامل هذا الجمهور مع هذه الرائعة الإقتصادية الماركسية ، فأفاد ” إعتاد الجمهور في القارة (منا : الأوربية) أن يطلق على كتاب رأس المال : إنجيل الطبقة العاملة ” (لا تنسى بإن هذه العبارة هي عبارة إنجلز كما بينا أعلاه). وهذه هي النتائج التي وصل إليها هذا العمل ، وأصبحت يوماً بعد يوم مبادئ أساسية لحركة الطبقة العاملة (العظيمة : هكذا جاءت في خطاب إنجلز) ، ليس في إلمانيا وسويسرا فقط ، بل وفي فرنسا وهولندا وبلجيكا وأمريكا ، وحتى في إيطاليا وأسبانيا ، وفي كل مكان تم الإعتراف بها أكثر فأكثر . وفي ظل هذه الأحوال أصبح شائعاً تداول التعابير التي تصف شروط الطبقة العاملة وطموحاتها . ولا أحد ممكن له أن يتجاهل حركتها .

  أما في إنكلترا فالحال كذلك ، فإن نظريات ماركس وحتى هذه اللحظة تُمارس تأثيراً قوياً على الحركة الإشتراكية ، التي إنتشرت وتحولت إلى ثقافة جماهيرية ، والتي من طرفها لم تقل شأناً عن ثقافة الطبقة العاملة . وهذا بالطبع ليس كل شئ ، فكلما أخذ الزمن يقترب بسرعة ، بدأت مثابرات الفحص والتدقيق في وضع الإقتصاد الإنكليزي ، والذي فرض نفسه ” ضرورة قومية ” لا يمكن مقاومتها . ومن ثم أصبح عمل النظام الصناعي في هذا البلد غير ممكن دون تسارع الإنتاج وبوتائر ثابتة ، وإن التوقف سينتهي بالإسواق إلى النهاية الميتة ” [112].

  ومن ثم لفت ” إنجلز ” في مقدمته لهذه النشرة الإنكليزية الأولى لكتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، الأنظار إلى حقيقة تخص التجارة ، وهو الطرف الإقتصادي المهم من التصنيع ، فذهب مُعلقاً ، فأفاد : إن ” التجارة الحرة إستنفذت مصادرها ؛ وإن الشكوك في مدينة مانشستر كان معينها الإنجيل الإقتصادي القديم [113]. أما واقع ” الصناعة الأجنبية فقد تطورت بوتائر سريعة ، وإن نجوم الإنتاج الإنكليزي (منا : تراهم) أمام أنظار الجميع في كل مكان . وإنه لم يكن انتاجاً محمياً ، بل والأهم أن تكون الأسواق محايدة كذلك ، وهذا يشمل هذا الجُرف من القنال . بينما القوى الإنتاجية تتزايد بنسبة هندسية ، في حين توسعت الأسواق بنسبة حسابية في أحسن الأحوال . كما أن الدورة العشرية (منا : الدورة الإقتصادية كل عشر سنوات) فهي (منا : محكومة بمحطاتها الآتية 🙂 حالة ركود ، إزدهار ، تضخم في الإنتاج ، وإزمة (ومن ثم) إرتداد بإتجاه معاكس (وهذا حدث) منذ عام 1825 وحتى عام 1867 . ويبدو حقاً إنه مسار فاعل ، غير إنه وضعنا في مستنقع اليأس الدائم والكساد المزمن . وأخذت تتصاعد الحسرات على فترة الإزدهار والتي ربما لا تأتي مرة أخرى ، إلا إننا ندرك تباشير أعراضها ، والتي تطايرت ومن ثم تلاشت في الفضاء ” [114].

   وبعد ذلك وصل ” إنجلز ” إلى النتائج التي لا يتمنى أن يسمعها الجميع ، ولكن فيها تباشير آمل عريض للطبقة العاملة ، وخصوصاً للعاطلين منهم عن العمل . فقال : ” وفي كل شتاء قادم ، سيتجدد معه الإنتباه إلى السؤال القائل ؛ اذن ماذا سنعمل للبطالة ؟ وفعلاً فإن أعداد العاطلين عن العمل تتضخم من سنة إلى سنة ، وليس يتوافر عند أحد الجواب على ذلك السؤال . وإننا على الأغلب نتوقع اللحظة التي سيفقد فيها العاطلون عن العمل صبرهم ، ويُقرروا إمتلاك مصيرهم بأيديهم ، وبالتأكيد عند عتبات هذه اللحظة ، سيدوي صوتهم ، والذي ينبغي الإستماع إليه ، وهو بحد ذاته نظرية شاملة ، جاءت خلاصة لدراسة طويلة الآمد لتاريخ الإقتصاد وشروط إنكلترا ، وبالطبع هي النظرية التي ستقود إلى المصير المحتوم ، وهو أن أوربا على الأقل ، وإن إنكلترا هي البلد الوحيد الذي سيكون أرض الثورة الإشتراكية المحتومة . وبالتأكيد ستترك آثارها على الوسائل القانونية والسلمية . ويقيناً إنه لم ينسى (أحسبُ إنه يتحدث عن العضيد ماركس) أن يضيف إلى إنه من الصعوبة بمكان أن الطبقات الحاكمة ستُسلم أمرها بسهولة دون ” تمرد مناصر للعبودية ” . وهذه هي الثورة القانونية والسلمية[115].

مقدمة أنجلز للنشرة الألمانية الرابعة لرأس المال : بذور الخلاف  

  تأتي هذه المقدمة التي كتبها إنجلز لمقدمة النشرة الألمانية الرابعة ، والتي صدرت عام 1890 لتدشن مرحلة من مراحل التطور التي مر بها كتاب ” ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي . وهي على هذا الأساس وثيقة تاريخية لذلك نحسبُ تُسجل تاريخ نمو وتطور الإفكار بين ماركس وإنجلز وهذا هو الطرف الأول . والطرف الثاني والأكثر أهمية ، هو بيان فهم إنجلز المتفرد ، والذي بدأت تباشيره تحمل بذور مخالفة خفيفة للعضيد ماركس . وهذا ما حاولنا إلقاء الضوء عليه خصوصاً بُعيد موت العضيد ” ماركس ” ولحظة تحرر ” إنجلز ” من  هالته الإسطورية المقدسة . ولكن الباحث الأكاديمي لاحظ إن لحظة التحرر والإنعتاق من سطوة ” ماركس ” وهالته الكرازمية لم تحدث على الإطلاق ، بل ظلت تٌقيد حركة ” إنجلز ” والشاهد على ذلك إن إنجلز كان متردداً بين الخضوع لشبح ماركس الرابض أمامه وبين لحظات الإنعتاق وهي لحظات نادرة ومحدودة . فمن المعروف إن ماركس فارق عالم إنجلز . إلا إن ماركس ظل شبحه متجسداً لأنجلز في شخصية إبنة ماركس إيلينور وصاحبها الدكتور آدور إفلينج (وهم ورثة ماركس الأحياء) . وهكذا كان قدر العضيد إنجلز الذي غالبه مرض سرطان الحنجرة وحتى مات عام 1895 . وبعد موت إنجلز سار القدر في إتجاه معاكس لوصية ماركس ، فقد أقدمت إيلنور إبنة ماركس على الإنتحار وهي وصيته الشرعية بتكليف قانوني من ماركس على كتاباته ومشاريعه غير المنشورة . وهذا الإنتحار جاء سريعاً ، وبالتحديد بعد موت العضيد أنجلز بسنتين (أي عام 1898) وبعد أربعة أشهر مات الدكتور إفلينج . وهكذا أشر موتهم نهاية محطة مهمة من تاريخ عملية نشر رائعة ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” . ولكنها بالتأكيد ليست المحطة الأخيرة . وإنما سيتحمل المهمة بعدهم المنظر الماركسي كارل كاوتسكي ، وسيقوم بمهمة نشر المجلد الرابع من رأس المال . وهذه قصة سنقرأ أطرافها فيما بعد .

  ولعل أهمية هذه المقدمة ، إنها جاءت بعد موت ” ماركس ” بسبع سنوات . وفيها إستهل ” أنجلز ” هذه المقدمة بإعلان أشار فيه إلى ” أن الطبعة الرابعة الألمانية تطلبت إنشاء الصورة النهائية (أي التقريبية الممكنة) لكل من النص والهوامش . وهنا نُقدم شرحاً للخطوات التي تم تنفيذها لإنجاز هذه المهمة . وفعلاً فبعد مقارنة النشرة الفرنسية مع ملاحظات ماركس على المخطوطة . قمت (أي أنجلز) بعمل بعض الإضافات المهمة على النص الألماني من تلك الترجمة . وفي الإمكان ملاحظة ذلك على الطبعة الحالية ص 80 (الطبعة الثالثة ، ص 88) والطبعة الحالية ، ص ص 117 – 118 ، ص ص 458 – 460 (الطبعة الثالثة ، ص ص 509 – 510) والطبعة الحالية ، ص ص 462 – 465 [116]، ص ص 547 – 551 (والطبعة الثالثة ، ص 600) والطبعة الحالية ، ص ص 548 – 551 ، ص ص 591 -593 (الطبعة الثالثة ، ص 644) والطبعة الحالية ، ص ص 587 – 589 و ص 596 (الطبعة الثالثة ، ص 648) والطبعة الحالية ، ص 591 في الهامش (1) [117].

  ومن ثم يُتابع ” فردريك أنجلز ” في حديثه عما جرى للنشرة الألمانية الرابعة ، وبالتحديد ما فعله في إنشاء نصها والإضافات التي أنجزها ، فذهب مُخبراً الباحث والقارئ الذي يتطلع إلى قراءة كتاب ” كارل ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” إلى الإنتباه إلى الطرف التاريخي الذي مرت به نشرات ” رأس المال ” وما جرى على النص وما حدث في الهوامش ، فقال : ” وأنا (أي أنجلز) فقد قمت مثلاً بمتابعة النشرتين الفرنسية والإنكليزية ، ووضعت هوامش طويلة لبضعة مقاطع من النص الأصلي ، مثالاً على ذلك (الطبعة الثالثة ، ص ص 509 – 515 ، والطبعة الرابعة ، ص ص 461 – 467) والطبعة الحالية ، ص ص 465 – 471 . كما وإن هناك بعض التغييرات الطفيفة تم القيام بها ، والتي كانت ذات طبيعة تقنية . وأكثر من ذلك ، فقد أضفت بعض الملاحظات التوضحية ، خصوصاً عندما تعرضت الشروط التاريخية إلى التغيير ، والتي تطلبت مثل هذه الملاحظات . وجميع هذه الملاحظات وضعناها في داخل مربعات ، في حين وضعنا علامة على ملاحظات آخرى تحمل حروف دالة على إسمي (أي إسم إنجلز) [118].

  وأباح ” إنجلز ” عن المصادر التي إعتمدها في التحضير للنشرة الرابعة ، وكذلك بين حجم المساعدة التي قدمتها إبنة ماركس ” إيلينور ” . ونحسبً هذه الإشارة والإعتراف بجهود ” إيلينور ” مساهمة مضيئة ، ونحن نُتابع الطرف التاريخي ، وذلك لتطور وملاحقة ما حدث على نشرات كتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي . فقال ” بينما التنقيح الكامل للإقتباسات المتنوعة ، والتي كانت ضرورية ، فقد تم إعتمادها من النشرة الإنكليزية (منا : والتي ترجمها كل من صديق ماركس الوفي صماويل مور والدكتور البايولوجي أدور إيفلينج خطيب إيلينور) . ولهذه النشرة فإن إبنة ماركس الصغيرة إيلينور ، قد تعهدت بمقارنة جميع الإقتباسات بإصولها ، التي جاءت من المصادر الإنكليزية ، وهي الغالبية العظمى منها ، والتي لم يتم إعادة ترجمتها من النشرة الألمانية ، بل من النسخة الأصلية ولأغراض التحضير للنشرة الرابعة . ولهذا كان يتحتم عليً الإستشارة بهذا النص ، الذي يحتلُ مكانة متميزة [119].

  وفعلاً فكانت إستشارة إنجلز بالنشرة الإنكليزية ، فرصة فيها حرية أكثر للعضيد ” إنجلز ” أن يوجه نقداً للعضيد ماركس ، ومن ثم تقويم عمله في النشرات المختلفة (وخصوصاً بالطرف الذي يخص النشرة الإنكليزية) . ولعل أهمية هذا النقد والتقويم للعضيد ماركس ، جاء في وقت محسوب لصالح إنجلز ، وذلك لأن إنجلز عندما قال ماقال ، كان عدد من الأحبة والمقربين من ماركس أحياء ، وهم كل من إبنته إيلينور ، وزوجها الدكتور أدورد إفيلنج والذي بدوره ترجم جزء مهم من كتاب رأس المال إلى الإنكليزية ، وصديق ماركس الوفي صامويل مور ، الذي ترجم الجزء الأول من رائعة ماركس رأس المال . وفعلاً فإن حضور هذا الإجماع زمن نشر المقدمة للطبعة الألمانية الرابعة ، يمنحها الكثير من الماصدقية ، وبالطبع يعطي نقد إنجلز التقويمي لعمل ماركس في نشرات رأس المال ، نوعاً من القبول والرضاء المشروعين .

  وبعد هذا نقف ونستمع لتقويم إنجلز النقدي ، حيث قال ” ففي المقارنة تكشفت أطراف طفيفة من عدم الدقة ، كما وأن أعداداً من الصفحات كانت صفحات مغلوطة (منا : من طرف الترقيم) . ويُعزى جزء منها إلى الإخطاء التي وقعت في الإستنساخ من كتب الملاحظات ، وربما جزء منها يعود إلى الإخطاء الطباعية في النشرات الثلاثة . وهناك إقتباسات وُضعت في أمكان غير الصحيحة ، وحُذفت منها علامات التنصيص ، وهي علامات ليس في الإمكان تجاهلها . بينما عدد هائل من الإقتباسات تم إستنساخها من كتاب الملاحظات . وكذلك فإن هنا وهناك بعض الترجمات غير السارة للكلمات ، وبالتخصيص مقاطع تم إقتباسها من كتاب الملاحظات الباريسي للفترة ما بين 1843 وحتى 1845 ” [120].   

  وتتصاعد درجات حرارة النقد الذي باشره العضيد أنجلز للعضيد ماركس . وهذه المرة تجاوزت ميثديولوجيا رأس المال ، وركزت على لغة ” ماركس ” الإنكليزية ، وفيها صوت الصدق الذي لا يشمل ماركس وحده ، وإنما فيها ما يشمل العضيد إنجلز . ولكن مع فارق ، وهو إن ماركس غائب ، وإنجلز حاضر وهو يتحدث بعد موت ماركس ، بسبع سنين فقط . ومثلما ” إنجلز ” عارف بمهارة ” ماركس ” الإنكليزية ، فإن ” ماركس ” لم يُفكر على الإطلاق بتكليف إنجلز بترجمة رأس المال إلى الإنكليزية ، ولذلك فتش عن مترجمين له ، وأخيراً كلف صماويل مور ، ومن ثم عرف مشاغل مور ، فتعهد خطيب إبنته ، الدكتور أدورد إفيلنج ، بترجمة القسم الثاني . وللقارئ نقول إضافة إلى كل ذلك فإن ” إنجلز ” لم يترجم بنفسه كتابه المعنون ” الإشتراكية : الطوباوية والعلمية ” وإنما قام بترجمته خطيب إبنة ماركس ، الدكتور إفيلنج . والشهادة الأخيرة لا تشتغل لصالح مهارة وتمكن إنجلز من الإنكليزية . وهنا يتساوى حال العضيدين في مهارات اللغة الأنكليزية التي إحتج بها إنجلز ضد ماركس .

  والحقيقة إن الباحث الأكاديمي متفهم لإطراف من دوافع العضيد إنجلز ، وهو على حق أن يغضب على العضيد ماركس ، فمن المعروف للجميع أن أنجلز كان كريماً على العضيد ماركس ، وكان مهموماً بتوفير الظروف المالية الإفضل له ، وذلك من جل أن يتفرغ للكتابة . وكان أنجلز يتوقع من ماركس التصرف بالمقابل وعلى الأقل معنوياً . إلا إن ما حدث ، هو أن ماركس قبيل موته بقليل حمل إبنته إيلينور المسؤولية الشرعية على نشرات مؤلفاته وأعماله غير المنشورة . ولهذا يتحسس القارئ ، درجات غضب أنجلز دون وعي وتنطلق دون رقابة على سطح خطابه القائل : ” وحينها لم يكن ماركس عارفاً باللغة الإنكليزية ، وأن قراءات ماركس للإقتصاديين الأنكليز ، كان يعتمد فيها على الترجمات الفرنسية . وهذا الحال خلق ترجمة مزدوجة ، كان حصيلتها ولادة معاني مختلفة بدرجات ما .. بينما النص الإنكليزي هو المتداول الآن .. ولكن كل من يُقارن النشرة الرابعة (منا : أي الألمانية) مع النشرات السابقة ، فإنه يقتنع بأن كل هذه الجهود التي بُذلت في التنقيح (أو التصحيح) لم تحدث تغييرات مشابهة في الكتاب الذي نتحدث عنه (أي كتاب رأس المال) . ويبقى هناك إقتباس واحد لم يتمُ ملاحقته بالبحث الكافي ، والذي نزل من ريتشارد جونز [121](الطبعة الرابعة ، ص 562 ، والملاحظة رقم 47) ومن المحتمل أن قلم ماركس زل عندما كتب عنوان الكتاب [122]. وكل الإقتباسات الأخرى حافظت على قوة حجتها بصورة كاملة ، أو عززتها وفقاً لحضور صورتها الدقيقة [123].

  وفعلاً إن قراءة ” إنجلز ” جاءت مستوعبة للأزمة الإعلامية والأكاديمية التي إستهدفت ” ماركس ” وميثديولوجيته في الإقتباس ، وبالطبع ليس في جميع أطرافها حق ، وإنما فيها فبراكات وتضخيم . وأولاً نحاول قراءة ماكتبه العضيد ” إنجلز ” وهذا هو المهم . يقول العضيد إنجلز في مقدمة النشرة الألمانية الرابعة (وبالطبع هي المقدمة ومن ثم النشرة التي ظهرت بعد موت ماركس بسبع سنوات ” أنا هنا ملتزم بالعودة إلى القضية القديمة ، وأنا أعرف بأن هناك حالة وحيدة ، تدور حول دقة الإقتباسات التي قدمها ماركس ، وهي القضية التي ظلت موضوع تساؤل (منا : موضوع جدل إستمر أكثر من عقد من الزمن ومات ماركس ، وبعد عقد ثان عاد إليها في مقدمته العضيد إنجلز) ولكن لما كانت القضية إنطوت مع عصر ماركس ، فأنا (أي إنجلز) لا أستطيع تجاهلها تماماً هنا [124].

  أما خصوم ” ماركس ” فهم يتربصون به ، وينتظرون زلات قلمه ومن ثم تضخيمها حقاً وباطلاً لتكون حجة عليه . وهذا فعلاً ما حدث بعد نشر رائعته رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، النشرة الألمانية الأولى بخمسة سنوات ، فقد أثيرت قضية ” عدم أمانة ماركس ” وبعنوان ” كيف يقتبس ماركس نصوصه ؟ ” وفعلاً كما يُخبرنا إنجلز في مقدمته للنشرة الألمانية الرابعة عام 1890 ، فإنه في 7 آذار عام 1872 ، وبالتحديد في برلين ، ظهرت مقالة مجهولة وحملت عنوان ” كيف ماركس يقتبس ” ، وهي قضية مؤلمة أتهم ماركس ، بعدم الآمانة ، ومزاعم الكذب وذلك بصياغة جملة كاذبة ، وعاشها لفترة أكثر من عقد من السنين ، وشاركت إبنته إيلينور في الدفاع عنه ، وتوضيح وشرح الصدق في القضية والفبركة فيها . وبالطبع ساهمت أطراف من الصحف الإنكليزية ، ودخل في أجواءها قلم أكاديمي من جامعة كيمبريدج وهو بالتأكيد إسم غير حقيقي ، وهو السيد سيدلي تايلور . وفيها طرفين ؛ طرف الصدق والحق الذي يتقاسمه ماركس والخصوم ، وطرف الفبركة والتضخيم من قبل خصوم ماركس وحدهم . فقد كانوا يراقبون ماركس بدقة ، ويقرأون ما يكتب بعناية ، ويفتشون فقط عن المناطق الرخوة في رائعته الإقتصادية السياسية رأس المال . وهنا نحن نتفق مع العضيد إنجلز في هذا الإقتباس الوحيد المُشكل ، إلا إننا على خلاف إنجلز ، نتفهم برؤية شمولية الظروف التي أحاط بهذا الإقتباس ، والإخطاء الطباعية التي صاحبت نشر خطاب مستشار الخزانة الأنكليزي السيد وليم إيورت كلادستون (1809 – 1898) [125]، الذي إقتبس منه ماركس هذا الإقتباس المشكل الوحيد ، والذي مسك به الخصوم حجة أو كما أسموها جملة ماركس الكاذبة [126].

  وفعلاً فإن إيلينور ماركس ردت في الصحيفة الشهرية “ تودي(اليوم) ” وبالتحديد في شباط عام 1884 أي بعد موت والدها بسنة واحدة ، وإن مجلة التايمز رفضت نشر رسالتها . وهي (أي إيلينور) الآن حسب أنجلز ، تُركز جهودها على إجراء مناقشة عامة لهذه القضية ، والتي تدور حول سؤال وحيد لا غير ، وهو ” هل أن ماركس حشر جملة واحدة وواحدة كاذبة أم كلا ؟ “[127]. والخلاصة إنه بعد هذا الجدل العاصف ، ظهرت الحقيقة ، وهي أن هناك جملة مفقودة من خطاب السيد وزير الخزانة البريطاني ، التي إقتبسها ماركس [128]، والتي سببت كل هذه العاصفة ضد ماركس  ومن ثم تم فبركتها وتضخيمها ووصفها ” مرة  جملة كاذبة ، ومرة آخرى مزاعم كاذبة ” . وفي هذا ظلم للجمهور ، قبل أن يطال العضيد ماركس .

  وأشعر إن مُسك الختام ، ضرورة بيان وكشف علاقة ماركس بالعضيد إنجلز ، وحقيقة هذا البيان ، رسالة ماركس إلى أنجلز ، وهي رسالة إعتراف بالجميل ، الذي قدمه أنجلز خلال حياة ماركس ، وخصوصاً خلال إنجاز رائعته رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي . وهذه الرسالة جاءت مورخة في :

16 أغسطس 1867

الساعة الثانية صباحاً

العزيز فريد (منا : أي فردريك)

أنا أكملت الآن التصحيحات النهائية للملزمة الآخيرة (والتي تحمل رقم 49) من الكتاب .. ولذلك فإن هذا المجلد قد تم إكماله . وأنا مدين لك بالكثير ، ودون مساعدتك ، فإنه ليس في الواقع أن يكون ممكناً ، ودون تضحياتك الشخصية ، فإنه ليس في الممكن إنجاز هذا العمل الضخم ، والذي تطلب ثلاثة مجلدات .

أنا أعانقك وأشكرك كثيراً

وأحييك صديقي العزيز

إنك ذخر عال

ك . ماركس [129].

المجلدات الأربعة لرائعة رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي

   لاحظ الباحث الأكاديمي المواكب على رصد المنعطفات التي تعرضت لها رائعة ” كارل ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” ، إنها مرت بتاريخ طويل في التحضير . وحسب رواية ” ماركس ” إنه صرف عشرين سنة للإعداد والتحضير لها . كما وإن هناك شواهد بينات تؤكد على إن عضيده ” فردريك إنجلز قد نشر العديد من المشاريع الكتابية في موضوع نقد الإقتصاد السياسي قبل أن ينشر ” ماركس ” شيئاً في مضمار ” نقد الإقتصاد السياسي ” . بل والشاهد الذي قدمناه ، هو إن ماركس كان في باريس يصدر مجلته هناك ، وإن ” إنجلز ” أرسل له من لندن مقاله الذي حمل عنوان ” حول نقد الإقتصاد السياسي ” . وفعلاً إن ماركس نشر له هذه المقاله . إلا إن المُشكل من الطرف التاريخي ، إنه بعد فترة ظهرت مخطوطات لماركس تعود إلى تاريخ مقال إنجلز ، وفي مخطوطات ماركس توافرت موضوعات في الإقتصاد وفيها طرف يخص نقد الإقتصاد السياسي . وهذه المسألة بحثناها بالتفصيل في دراستنا ، التي حملت عنوان ” كتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” دراسة أكاديمية في المضمون والمصادر ، والتي ستظهر في الفصيلة من أوراق فلسفية جديدة / العدد السادس ، كانون الثاني – شباط قريباً .

المجلد الأول : فائض القيمة والنظرية الحديثة للإستعمار

   تكون كتاب ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” المجلد الأول [130] من ثمانية أجزاء ، والتي تألفت من ثلاث وثلاثين فصلاً ، وملحق واحد . وهذا المجلد برمته ، فيه طرف نقدي تقويمي للرأسمالية ، وفيه طرف تركيبي تكويني ، سواء في مقدماته وشروحه والأمثلة التي إستشهد بها ، والتي نهضت على الإقتصاد الماركسي ؛ بطرفيه الإشتراكي والشيوعي . وبالطبع أن الباحث في المجلد الأول قد لا يقرأ شيئاً عن إقتصاد إشتراكي وشيوعي . غير أن النقد للرأسمالية له مضمون ماركسي يتطلع نحو بناء إقتصاد سياسي ماركسي . ولعل الشاهد على ذلك :

الجزء الأولالسلع والنقود

 والذي تكون من ثلاثة فصول ، وهي :

الفصل الأول – السلع  

الفصل الثاني – التبادل

الفصل الثالث – النقود أو تداول السلع

الجزء الثاني تحويل النقود إلى رأس المال

 والذي تألف من ثلاثة فصول ، وهي :

الفصل الرابع – الصيغة العامة لرأس المال

الفصل الخامس – تناقضات الصيغة العامة لرأس المال

الفصل السادس – الشراء والبيع لقوة العمل

الجزء الثالث إنتاج فائض القيمة المطلقة

 والذي تشكل من خمسة فصول ، وهي :

الفصل السابع – عملية العمل وعملية إنتاج فائض القيمة

الفصل الثامن – رأس المال الثابت ورأس المال المتغير

الفصل التاسع – معدل فائض القيمة

الفصل العاشر – يوم العمل

الفصل الحادي عشر – معدل ومقدار فائض القيمة

الجزء الرابع إنتاج فائض القيمة النسبي

 وتكون من أربعة فصول ، وهي :

الفصل الثاني عشر – مفهوم فائض القيمة النسبي

الفصل الثالث عشر – التعاون

الفصل الرابع عشر – تقسيم العمل والصناعة اليدوية

الفصل الخامس عشر – المكائن والصناعة الحديثة

الجزء الخامس إنتاج فائض القيمة المطلقة والنسبية

 وتألف من ثلاثة فصول ، وهي :

الفصل السادس عشر – فائض القيمة المطلقة والنسبية

الفصل السابع عشر – التغييرات الكبيرة في سعر قوى العمل وفائض القيمة

الفصل الثامن عشر – الصيغ المتنوعة لمعدلات فائض القيمة

الجزء السادس الإجور

وتألف هذا الجزء من أربعة فصول ، وهي :

الفصل التاسع عشر – تحويل قيمة قوة العمل إلى إجور

الفصل العشرون – إجور الزمن

الفصل الحادي والعشرون – إجور القطعة

الفصل الثاني والعشرون – الإختلافات الوطنية للإجور

الجزء السابع تراكم رأس المال

 وتكون من ثلاثة فصول ، وهي :

الفصل الثالث والعشرون – إعادة الإنتاج البسيط

الفصل الرابع والعشرون – تحويل فائض القيمة إلى رأس المال

الفصل الخامس والعشرون – القانون العام للتراكم الرأسمالي

الجزء الثامن التراكم الأولي (البدائي)

ونحسب (الدكتور محمد جلوب الفرحان) إن هذا الجزء الكبير من كتاب ” كارل ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” يكون الطرف السياسي من رأس المال ، فهو بحد ذاته رسالة سياسية خالصة .. وهي مثابرة ماركسية نقدية للرأسمالية ، وهكذا إمتزج الإقتصاد والسياسة في كتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي . وتألف هذا الجزء البالغ الأهمية من مشروع ماركس النقدي ، من ثمانية فصول ، وهي :

الفصل السادس والعشرون – سر التراكم البدائي

الفصل السابع والعشرون – مصادرة (تجريد) ملكية المزارعين من الأرض

الفصل الثامن والعشرون – التشريع الدموي ضد مصادرة الأراضي ، والذي إمتد من نهايات القرن الخامس عشر ، وتخفيض الإجور بالقوة ومن خلال قرارات البرلمان

الفصل التاسع والعشرون – إصول الفلاح الرأسمالي

الفصل الثلاثون – رد فعل الثورة الزراعية على الصناعة ، وظهور السوق الوطني للرأسمالية الصناعية

الفصل الحادي والثلاثون – إصول الرأسمالي الصناعي

الفصل الثاني والثلاثون – النزعة التاريخانية للتراكم الرأسمالي

الفصل الثالث والثلاثون – النظرية الحديثة للنزعة الإستعمارية

 وهذا الفصل مساهمة ماركسية في فهم دوافع الإستعمار في إحتلال أراضي الغير وتحويلها إلى مستعمارات ومشاريع إستثمار وأسواق وقواعد .. وهذا الفصل سيلهم عدد من الماركسين وغير الماركسيين في دراسة الظاهرة الإستعمارية ، وخصوصاً كل من الماركسي والسايكيتري ” فرانز فانون [131] والمفكر الجزائري ” مالك بن نبي [132] والعلامة العراقي” محمد باقر الصدر [133] وآخرون … كما وضم كتاب رأس المال : نقد الإقتصادي السياسي ، ملحقاً جاء بعنوان ” صورة القيمة [134].

المجلد الثاني : تداول رأس المال

  أما مجلدات ” رأس المال : نقد الإقتصادي السياسي ” الباقية ، وهي الثاني والثالث والرابع ، والتي لم ترى النور في حياة ماركس . إلا إنه ترك ملاحظات وتوجيهات لعضيده إنجلز ، فكانت هذه الملاحظات والتوجيهات هادياً في إعدادها ونشرها فيما بعد . فمثلاُ إن العنوان الفرعي للمجلد الثاني ، له دلالته في تحديد هوية هذا المجلد والطرف الذي درسه ماركس فيه . فعنوانه الفرعي ” تداول رأس المال ” . وفعلاً فإن ” أنجلز ” أعد هذا المجلد من الملاحظات التي تركها ” ماركس ” ونشره إنجلز عام 1885 بالألمانية لأول مرة . وهناك ملاحظات تركها ماركس تُبيح لنا بحقيقة لفت الإعداد لهذا المجلد ، حيث تقول ” إن ماركس راجع المجلد الثاني وأعده للنشر للفترة ما بين 1863 – 1878 ” [135]

  ولاحظنا من زاوية الطرف التاريخي لنشرات هذا المجلد في حياة إنجلز (لأن ماركس مات ولم يرى طبعة هذا المجلد في حياته) إن هناك مقدمتين لهذا المجلد ؛ كتبهما إنجلز ؛ الأولى عام 1885 للطبعة الأولى . والثانية كتبها للطبعة الثانية عام 1893 [136]. وكان عنوان هذا المجلد كما ذكرنا ، هو ” عملية تداول رأس المال [137]. وتألف من ثلاثة أجزاء ، ومن أحد وعشرين فصلاً وملحق واحد . وجاءت هذه الفصول موزعة في الشكل الآتي :

1 – الجزء الأول وجاء بعنوان ” تحولات رأس المال وتداولها ”  وتكون من ستة فصول .

2 – الجزء الثاني وحمل عنوان ” دورة رأس المال ” وضم أحد عشرة فصلاً .

3 – الجزء الثالت وكان بعنوان ” إعادة الإنتاج وتداول رأس المال الإشتراكي الإجمالي ” وشمل على خمسة فصول . إلا إن من الملاحظ إن الفصل العشرين تكون من أربعة إجزاء بحد ذاته وكل جزء منها ، هو بوزن فصل كذلك [138].

المجلد الثالث : عملية الإنتاج الرأسمالي ومشكلة ميل معدل الربح

  أما المجلد الثالث ، فهو الآخر له قصة يتقاسمها كل من ” ماركس ” و العضيد إنجلز ، وعنوانه هو العنوان الفرعي الدال عليه ، وهو ” عملية الإنتاج الرأسمالي ” . ولاحظنا إن هذا المجلد برمته ، قام بتحضيره إنجلز بنفسه ، وإعتماداً على الملاحظات التي تركها ماركس ، والذي طبع بالإلمانية لأول مرة عام 1894 [139]. وهو في سبعة أجزاء وجاءت بالصورة الآتية :

1 – تحويل فائض القيمة إلى الربح ، ومعدل فائض القيمة إلى معدل الربح .

2 – تحويل الربح إلى متوسط الربح .

3 – قانون ميل معدل الربح إلى السقوط .

4 – تحويل رأس مال السلع ورأس مال النقد اللذان يتعاملان مع رأس مال التجاري .

5 – تقسيم الربح إلى الفائدة ، وربح المؤسسة التي تحمل فائدة رأس المال .

6 – تحويل فائض الربح إلى إيجار الأرض .

7 – الإيرادات ومصادرها [140].

  ومن الملاحظ إن طرفاً من المجلد الثالث ، قد واجه نقداً وتقويماً من قبل حشد من الإقتصاديين الغربيين المعاصرين ، لما أسماه ماركسميل معدل الربح إلى السقوط ” . والذي عُرف  ” بقانون ميل معدل الربح إلى السقوط ” (الجزء الثالث من الأجزاء السبعة التي تكون منها المجلد الثالث) . والحقيقة إن هذا الحشد من الإقتصاديين الغربيين لم يجدوا فيه قانوناً وإنما مجرد فرضية فيي الإقتصاد والإقتصاد السياسي ” . وعلى الرغم من وجود مثل هذا الميل فقد تم رفض هذا القانون ، والذي كان مقبولاً في القرن التاسع عشر .

 فمثلاً لاحظنا إن رجل الإقتصاد والسياسي الهولندي المعاصر ” تيديوس إنطونيوس (والذي يُعرف بإسمه المتداول كيرت ريتن) (1946) قد بين إلى ” إنه في عصر ماركس قد تم التسليم بهذا القانون (قانون ميل معد الربح إلى السقوط) بديهية دون مناقشة من قبل رجال الإقتصاد ، ومن كلا المعسكرين التجريبي والنظري على حد سواء ” [141].

  والواقع إن رجال الإقتصاد الغربيين ومن مدارس مختلفة قد أشاروا إلى نزعة ميل معدل الربح إلى النكوص (السقوط) ، ومن مثل رائد الإقتصاد السياسي ” آدم سميث ” ، ورجل الإقتصاد السياسي ” جون ستيوارت ميل ” وقبله والده الرائد في الإقتصاد السياسي ” جيمس ميل ” ، ورجل الإقتصاد السياسي ” ديفيد ريكاردو ” و رجل الإقتصاد ” وليم ستانلي جيوفنز ” (1835 – 1882)[142] وهو صاحب كتاب ” النظرية الرياضية العامة للإقتصاد السياسي ” (1862) وفيه بداية لتداول الطريقة الرياضية في الإقتصاد [143]. والتي حولت الأنظار إلى الإقتصاد ، بكونه علماً يهتم بالكم ، وهو مضمار الرياضيات الأساس [144]. وبالمناسبة إن كتاب ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ” وفي مجلداته الأربعة ، يحتاج إلى دراسة أكاديمية نقدية ، يُقرأ من زاوية كتب وليم ستانلي جيوفنز ، ويبين فيها حجم حضورها في رائعة ماركس ” رأس المال ” وكتابات العضيد إنجلز في الإقتصاد السياسي .

  وبالرغم من إن هذا الحشد من رجال الإقتصاد السياسي (وهم كل من سميث وميل (الوالد والإبن) وريكاردو وجيوفنز جميعاً) إضافة إلى ” جون مينارد كينز ” (1883 – 1946) [145]، يعترفون بميل معدل الربح إلى النكوص (السقوط) . إلا أنهم يختلفون في أرائهم حول لماذا هذه هي القضية ؟ ووفقاً للنظرية الكلاسيكية في توزيع الدخل والتراكم ، فإن الأرباح والأجور سيصيبها السقوط لفترة محدودة في المدى الطويل ، بينما في الوقت ذاته إن إجور الأملاك سوف ترتفع وتتزايد [146].

  وفعلاً فقد أحدث قانون ماركس في ” ميل معدل الربح إلى السقوط ” جدلاً واسعاً في الدوائر الإقتصادية الغربية ، الأكاديمية منها وغير الأكاديمية ، والتي دارت مثلاً حول ” زيادة الإنتاج ” و ” دور التكنولوجيا في إختصار العمل ” واللذان بدورهما أن يسببان ” زيادة معدل الربح الصناعي أكثر مما يُقلل منه ” كما توقع ماركس . ولعل خير من مثل هذا الأتجاه الإقتصادي الروسي – الألماني (من إصول بولندية) لاديسلوس جوزيفكوش بروتكاويسكي (1868 – 1931) [147]. والذي بين فيه ” بأن برهان ماركس على قانون ميل معدل الربح إلى السقوط ” هو خاطئ مبدئياً بغض النظر عن العلاقة الرياضية بين إنتاجية العمل ومعدل فائض القيمة ” [148].

  بينما جادل ” يروغن هابرمس ” (1929 – لازال حياً) [149]عام 1973 وذهب إلى إن ” قانون ميل معدل الربح إلى السقوط ” ، ربما كان موجوداً في القرن التاسع عشر ، وهو عصر الرأسمالية الليبرالية ، ولكنه لا يتوافر ، بل وغير موجد في نهاية الرأسمالية ، ولسبب بسيط ، وهو إن العمل بحد ذاته يهدف إلى زيادة إنتاجية العمل [150].

المجلد الرابع : نظريات فائض القيمة   

  ومن ثم جاء المجلد الرابع والأخير والذي لم ينشره ماركس ولا إنجلز في حياته ، وله قصة نقرأها هنا . فمن المعروف إن ماركس مات وترك ملاحظات عن هذا المجلد مثلما ترك ملاحظات عن المجلد الثاني والثالث . وصحيح إن أنجلز إعتمد على تلك الملاحظات ونشر المجلد الثاني والثالث . ومن ثم مات أنجلز عام 1895 ولم تتوفر له فرصة لنشر المجلد الرابع . وهناك من يذهب إلى إن ” ماركس ” أعد مخطوطة المجلد الرابع خلال حياته ، وبالتحديد خلال الفترة الممتدة ما بين (كانون الثاني 1862 – وتموز 1863)[151] أي قبل نشر المجلد الأول من كتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي بالألمانية بأكثر من أربعة سنوات .

  ومن الطرف التاريخي الذي نهتم فيه في الكشف عن إصول المنشور الماركسي وعلاقته برمة إرثه الإقتصادي  ، لاحظنا بأن ماركس نشر أطراف من نظريات فائض القيمة في فترة تصعد أبعد من نشرته للمجلد الأول من رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي . وكان هذا الجزء بعنوان ” نظريات فائض القيمة ” وهو قسم من مخطوطة كبيرة إقترح لها ماركس عنوان ” مساهمة في نقد الإقتصاد السياسي ” والتي كتبها مُلحقاً مكملاً للجزء الأول من مقالته التي حملت عنوان ” مساهمة في نقد الإقتصاد السياسي ” والتي نشرها عام 1859 [152].

 كما ولاحظنا بأن هناك من يعتقد بأن ماركس أعد مخطوطة المجلد الرابع ، وبعنوان فيه إختلاف بدرجات ما عن عنوان المجلدات الثلاثة الأولى . وهذا حق فقد إختار له عنوان ” رأس المال : التاريخ النقدي لنظريات فائض القيمة ” ، بل وهناك إضافة مهمة إلى العنوان تقول ” في عصره ” أي ” عصر ماركس ” وبالتحديد في القرن التاسع عشر [153]. ووجدنا إنه طبع ضمن مجموعة كتب ماركس وإنجلز ، وبعنوان ” نظريات فائض القيمة ، رأس المال المجلد الرابع ” [154].

   وتحمل الفيلسوف كارل كاوتسكي (1854 – 1939) مسؤولية نشر جزء منه ، وبعنوان ” نقد ماركس لفائض القيمة ” . ومن ثم قام بنشره كاملاً في فترة لاحقة ، وفي ثلاثة مجلدات وبعنوان ” نظريات فائض القيمة ” وللفترة الممتدة ما بين (1905 – 1910) . والمجلد الأول من نظريات فائض القيمة ، والذي تُرجم إلى الإنكليزية وحمل عنوان ” تاريخ النظريات الإقتصادية [155].

  وتوزعت خطة ماركس في المجلد الرابع ” فائض القيمة ” في الأطراف الآتية

1 رأس المال

1 – (مدخل : السلعة والمال) .

2 – رأس المال العام

   1 – عملية إنتاج رأس المال

      1 – تحويل النقود إلى رأس المال

      2 – فائض القيمة المطلق

      3 – فائض القيمة النسبي 

      4 – الجمع بين فائض القيمة المطلق والنسبي    

      5 – نظريات فائض القيمة

  2 – عملية تداول رأس المال

  3 – وحدة الإثنين ، أو رأس المال والربح  

3 – التنافس بين رؤوس الأموال

4 – الإئتمان

5 – الأسهم الرأسمالية

2الملكية العقارية

3إجور العمل

4 الدولة

5التجارة الخارجية

6السوق العالمية

   وتكونت صفحات نشرة المجلدات الثلاثة من مخطوطة ماركس ” نظريات فائض القيمة ” ، والتي نشرها لأول مرة بالألمانية من (1754 صفحة) وبالطبع صدرت من دار ديتزارد للناشرين – شتاتكورت . وهناك من يعتقد من الأكاديميين إن كاوتسكي تعامل مع مخطوطات ماركس بطريق خاصة ، مما أثار السؤال حول الطرف العلمي ومقدار الدقة في التعامل ومنهج كاوتسكي . ويُلاحظ القارئ إن كاوتسكي قد عالج ملاحظات ماركس الخاصة بنظريات فائض القيمة وحتى آدم سميث في المجلد الأول . بينما درس ريكاردو (في القسمين الأخرين) . ووقف في القسم الأخير عند الإنشقاق في فكر ريكاردو وبزوغ المدرسة الريكاردوية ، كما ودرس فيه أنواع من الإقتصاديات العامة (المبتذلة) . وهذه الطبعة نفذت وتُعدُ من الطبعات النادرة . إلا أن نشرة كاوتسكي الألمانية ، تُرجمت كاملة إلى الفرنسية ، من قبل يوليوس موليتر ، ونشرت في الفترة الممتدة ما بين عامي 1924 و1925 وكان كاوتسكي حياً .

  ونحسبُ إن المهم هو صدور نشرة كاوتسكي بالإنكليزية ، وفعلاً فقد قام كل من ج . بوير و أي . بيرنز ، بترجمتها ونشرها في عام 1951 ، وتم نشرها في دار نشر لورنس وويشهاؤت في لندن ، ومن ثم في الدار الناشرين العالمية في نيويورك . ومشكلة هذه النشرة إنها لم تكن كاملة ، وإنما جاءت على مختارات من النشرة الألمانية والتي تم ترجمتها إلى الإنكليزية . وهي بالطبع نافذة ونادرة اليوم [156].

  ويبدو لنا من خلال القراءة والتدقيق ، إن سبب الإختلاف في عناوين نشر المجلد الرابع ، هو الترجمات وسوق النشر وجذب القراء إلى كل ما هو جديد . وفعلاً فقد وجدنا إن هذ المجلد حمل عنوان  ” نظريات فائض القيمة ” ومن ثم ” رأس المال : نقد نظريات فائض القيمة ” مرة ، و ” نقد ماركس لفائض القيمة ” و من ثم عنوان الترجمة الإنكليزية للمجلد الأول منه ، والذي حمل عنواناً مختلفاً ، وهو ” تاريخ النظريات الإقتصادية ” .     

تعقيب ختامي :

   وبالطبع كل هذا التطور التاريخي الذي حدث على كتاب ” رأس المال ” كان غائباً وبعيداً عن عتبات كل من المشروع الإسلامي للإقتصاد والمذهب الإقتصادي في الإسلام ، وهما التجربيتين الإقتصاديتين العربيتين الإسلاميتين ، اللتان تحاورتا وبندية مع كتاب رأس المال ، نقداً وتقويماً ومن زاوية الفكرانية الإسلامية (مالك بن نبي من طرف الفكر القرآني الممزوج بإجتهاد فقهي محدود [157]والفقيه محمد باقر الصدر من زاوية فقهية مذهبية خالصة [158]) في العقد الأول من النصف الثاني من القرن العشرين .

  ونحسبُ إن مالك بن نبي ، قد قرأ كتاب رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي من مصادره الأصلية المترجمة إلى اللغة الفرنسية ، والتي بدأها يوم كان يدرس ويعيش في فرنسا في نهاية النصف الأول من القرن العشرين ، ونُرجح إنه قرأ كذلك مراجعات عن الكتاب في الدوريات الفرنسية ، والتي قدمت له خلاصات مفيدة ونافعة تفي بحاجته الثقافية لمناقشة رأس المال وإستيعاب حقيقة الرأسمالية ومن ثم الموقف الماركس (أو الشيوعي) المقابل لها ، ولهذا فنحن نتصور مثلاً وليس حصراً إن كتاب مالك بن نبي المعنون ” المسلم في عالم الإقتصاد ” هو بشكل أو أخر ، وبدرجات ما هو رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي من زاوية المشروع الإقتصادي في الإسلام (والذي ينهض على فكر قرآني خالص) [159]. ونحسب كذلك أن محمد باقر الصدر وكتابه إقتصادنا ، وكان رأس المال لماركس واحداً من مصادره المهمة ، إستيعاباً ونقداً وتقويماً . وعلى هذا الأساس نتصور كتاب إقتصادنا ، هو رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ؛ الرأسمالي والماركسي من زاوية المذهب الإقتصادي في الإسلام (الفقه الإسلامي) [160].

——————————————————————————-

الهوامش

 – أنظر للتفاصيل : كارل ماركس ؛ رأس المال ، المجلد الأول (بالإنكليزية) ، ترجمه من الألمانية بين فوكس ، تقديم إرنست ماندل ، دار بنجوين [1]

للكتب – لندن 1990 .

 – المصدر السابق [2]

 – أنظر تقديم ” فردريك إنجلز ” للنشرة الأنكليوية عند كارل ماركس : رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، ترجمة صماويل مور وأدورد إفيلنج [3]

سترد تفاصيلها لاحقاً .

 – أنظر للتفاصيل ، الفصل الثالث من هذا الكتاب والمعنون ” المشروع الإسلامي للإقتصاد ” .[4]

 – أنظر للتفاصيل ، الفصل الرابع من هذا الكتاب والمعنون ” المذهب الإقتصادي في الإسلام : النقد والتقويم ” . [5]

 – أنظر المصدر السابق . [6]

 – أنظر للتفاصيل ، الفصل الخامس من هذا الكتاب والمعنون ” المذهب الإقتصادي في الإسلام : البناء والتأسيس ” .[7]

 – أنظر للتفاصيل ، الفصل الثاني من هذا الكتاب والمعنون ” الفكر الفقهي للإقتصاد الإسلامي ” .[8]

 – أنظر للتفاصيل ، الفصل الأول من هذا الكتاب والمعنون ” في أدب المرايا السياسية – الإجتماعية الإسلامية ” .[9]

 – فصلنا في هذه المثديولوجيا الأشعرية في كثير من الأبحاث ، وهنا أحيل القارئ الكريم إلى بعض منها :[10]

1 – الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ الجدل الثقافي عند العرب ، مجلة دراسات عربية ، بيروت – لبنان 1986 .

2 – الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ موقف الشهرستاني من الفكر الفلسفي العربي ، مجلة دراسات عربية ، بيروت – لبنان 1987 .

3 – الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ البحث النفسي عند أبي البركات البغدادي ، مجلة دراسات عربية ، بيروت – لبنان 1988 .

 – أنظر للتفاصيل : إنسكلوبيديا كولومبيا ، مطبعة جامعة كولومبيا ، ط4 ، 1993 ، ص 1707 ، والمجلد بعنوان ” نظريات فائض القيمة “[11]

ظهر له عرض لفصوله المتنوعة بالإنكليزية (أون لاين) .  

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (بالإنكليزية) ، ترجمة بين فوكوس ، تقديم إرنست ماندل ، دار  كلاسيكيات بنجوين [12]

1990 ، المجلد الأول (تكون من1152 صفحة) .

 – للتفاصيل ، أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (بالإنكليزية) ، ترجمة ديفيد فرنباخ ، تقديم إرنست ماندل ، دار [13]

كلاسيكيات بنجوين 1990 ، المجلد الثاني (تكون من 624 صفحة) .

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (بالإنكليزية) ، ترجمة ديفيد فرنباخ ، تقديم إرنست ماندل ، دار كلاسيكيات بنجوين[14]

1993 (تكون من 621 صفحة) .

 – أنظر ؛ كارل ماركس ، رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، المجلد الأول (مصدر سابق ) ، الإهداء حيث يقول فيه ” إلى صديقي الحاضر دائماً[15]

وليهلم وولف ، المخلص والنصير النبيل للبروليتاريا ” .

 – أنظر : المصدر السابق ، الإهداء [16]

 – أنظر للتفاصيل : فرانك أيك ؛ ثوار عام 1848 (بالإنكليزية) ، أدنبرا 1972 ، ص 19 .[17]

 – أنظر : ب . أن . فيدوسيف ومجموعة من المؤلفين ؛ كارل ماركس : سيرة ذاتية (بالإنكليزية) ؛ دار الناشرين التقدميين ، موسكو 1989 . [18]

 – المصدر السابق ، ص 63 [19]

 – أنظر للتفاصيل : إيزيا برلين ؛ كارل ماركس : حياته وبيئته (بالإنكليزية) ، مظبعة جامعة أكسفورد 1963 ، ص ص 90 – 94 .[20]

 – أنظر للمقارنة : بيير جوزيف برودن ؛ نظام التناقضات الإقتصادية أو فلسفة الفقر 1847 / منشور في فايل تاريخ الفكر الإقتصادي – جامعة [21]

ماك ماستر ، كندا ، ترجمه من الفرنسية بنجامين توكار عام 1888 (أون لاين) .  

 – أنظر للتفاصيل : الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ كارل ماركس وفردريك إنجلز : الإقتصاد السياسي وهموم آخرى ، موقع الفيلسوف ، شباط[22]

2015 .

 – أنظر : نيكولاس شيرشيش ؛ الماركسية والإغتراب (بالإنكليزية) ، مطابع الجامعة المشتركة ، لندن 1990 (تكون من 371 صفحة) .[23]

 – أنظر : كارل ماركس ؛ الإقتصاد والمخطوطات الفلسفية لعام 1844 (بالإنكليزية) ، طبعة الناشرين العالمية 1990 .[24]

 – أنظر  : ماركريت فاي ؛ تأثير آدم سميث على نظرية ماركس في الإغتراب (بالإنكليزية) ، دورية ” العلم والمجتمع ” صيف 1983 ، [25]

المجلد 47 ، العدد 2 ، ص ص 129 – 151 .

 – كارل ماركس ؛ إجور العمل ورأسمال ، والقيمة والسعر والربح (بالإنكليزية) ، شركة سينجري الأمريكية العالمية للمطبوعات ، 2006 ،[26]

(تألف من 108 صفحة) .

 – كارل ماركس وفردريك إنجلز ؛ البيان الشيوعي (بالإنكليزية) ، دار الكتب المنسية  .[27]

 – للتفاصيل ، أنظر : جوزيف سكامبيتر ؛ البيان الشيوعي من زاوية علم الإجتماع والإقتصاد (بالإنكليزية) ، مجلة الإقتصاد السياسي ، مطبعة [28]

جامعة شيكاغو 1997  ، المجلد 57 ، العدد 3 ، ص ص 199 – 212 .  

 – أنظر : إنطونيو نيكري ؛ ماركس بعد ماركس : دروس من كتاب موجزات في نقدالإقتصاد السياسي (بالإنكليزية) ، بروكلاين 1989 .[29]

 أنظر : كارل ماركس ؛ الصراع الطبقي في فرنسا (1848 – 1850) بالإنكليزية ، دار الناشرين العالمية ، نيويورك 1964 (تألف من 158  -[30]

صفحة) . وهو في الأصل سلسة مقالات .

 كارل ماركس ؛ مساهمة في نقد الإقتصاد السياسي (بالإنكليزية) ، مراجعة وتقديم موريس دوب ، منشورات بنجوين للكلاسيكيات 1979 ، -[31]

(تألف من 264 صفحة) .  

 – أنظر للتفاصيل : كارل ماركس ؛ نظريات فائض القيمة (بالإنكليزية) ، دار كتب برومثيوس 2000 (تألف من 1605 صفحة) .[32]

 – منشور في كتاب ؛ كارل ماركس ؛ إجور العمل ورأسمال / القيمة السعر والربح (بالإنكليزية) ، دار النشر العالمية 1975 (تألف من [33]

110 صفحة) .

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، المجلد الأول ، مقدمة ماركس للطبعة الأولى . وهذه الملاحظة  [34]

جاءت مذيلة بالشكل الآتي ” ماركس ، لندن 25 تموز 1867 ” .

 – المصدر السابق [35]

 – للتفاصيل أنظر : ديفيد فوتمان ؛ المسار الواعد : السيرة الذاتية لرجل القانون فريدنناد لاسل ، لندن 1994 . [36]

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، مقدمة النشرة الفرنسية . [37]

وخاتمة ماركس جاءت بالنص الآتي : ” ضع ثقتك بي أيها المواطن المخلص . كارل ماركس ، لندن 18 آذار 1878 ” .

 – أنظر للتفاصيل : فرنسيس كودين ؛ موريس لاشر (1814 – 1900) صورة الناشر الإشتراكي والمُعجمي ، إطروحة دكتوراه ، مجلدان ، 2004 [38]

وكذلك : الكتاب الجماعي الذي أشرف عليه : جين كلود كارون وفرنسيس كودين ؛ العالم المفقود لموريس لاشر (1814 – 1900) ، باريس 2006 (تكون من 287 صفحة ) الترجمة الإنكليزية متوفرة أون لاين .   

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، المقدمة للنشرة الألمانية الثانية [39]

 – أنظر : المصدر السابق ، الفصل الأول ، القسم الأول ” عناصر السلعة : القيمة والقيمة الإستعمالية . [40]

 – أنظر : المصدر السابق ، الفصل الأول / القسم الثالث ” صورة القيمة ” . [41]

 – والدكتور لودفيغ (لويس) كوجلمان ، هو طبيب ألماني ، ومفكر إشتراكي ، وكان من الأصدقاء المقربين والثقات لكل من ” كارل ماركس ” و ” [42]

فردريك أنجلز ” . وإلتقى بماركس مرات عديدة ، وزاره في هانوفر وعرض ملاحظاته على النشرة الأولى لكتاب ” رأس المال ” وهي موضوع حديثنا هنا . وله إبنة إسمها ” فرانزيكا كوجلمان ” (1858 – 1939) وهي كاتبة . وتبادل ” لودفيغ كوجلمان ” الرسائل مع كل من ماركس وإنجلز وخلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1862 – 1893 . وكان عضواً في منظمة العمال العالمية ، ومن ثم عضو في الحزب الديمقراطي الإشتراكي الألماني . وله العديد من المؤلفات . للتفاصيل أنظر : فرانزايكا كوجلمان ؛ أطراف صغيرة من حياة عائلة ماركس وإنجلز من خلال عيون معاصريهم (بالإنكليزية) ، دار الناشرين التقدمية ، موسكو 1972 ، ص ص 180 – 192 .

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، الفصل الأول / القسم الأخير ” صنمية السلعة ” .[43]

 – أنظر : المصدر السابق ، الفصل الثالث / القسم الأول ” مقياس القيمة ” . [44]

 – أنظر : المصدر السابق ، الفصل التاسع / القسم الثاني ” عرض مكونات قيمة المنتج بمطابقة بأجزاء من المنتج ذاته ” .[45]

 – أنظر : بريطانيا العظمى ؛ أوراق برلمانية ، مجلس العموم (بالإنكليزية) المجلد 45 سنة 1877 .[46]

 – أنظر : كارل ماركس ؛ المصدر السابق ، [47]

 – وهو رجل الأعمال والفلاح والإقتصادي الألماني ” لودفيغ غوستاف فون كولش ” ، وهو الإبن الثاني للمصرفي وصاحب مصنع الملابس [48]

” يوهان كاسبر فون كولش ”  . كما أن أخيه ” وليم كولش ” كان تاجراً . وواكب غوستاف الدراسة في المدرسة الثانوية ، وركز دراسته على الإقتصاد ، ومن ثم إلتحق بجامعة غوتنجن  ، وإستمر فيها للفترة الممتدة ما بين 1810 وحتى 1812 . وبعد مشاركته في حرب ألمانيا ضد فرنسا ، وبالتحديد في عام 1817 درس في جامعة هومبولت في برلين . وفي عام 1825 عمل في جماعة كولش للتجارة والصناعة والزراعة . ومن ثم تحول ليكون مؤلفاً في الإقتصاد ، وكان يتطلع إلى وضع المعرفة النظرية موضع التطبيق . وفي عام 1827 سافر لدراسة الزراعة والصناعة والتجارة في كل من هولندا وفرنسا ، إنكلترا وإيرلندا . وعلى أساس هذه الخبرة كتب ونشر رائعته التي سيشير إليها ماركس في كتابه رأس المال ، وكانت بعنوان ” الخلفية التاريخية للتجارة والصناعة والزراعة في الدول التجارية المهمة في عصرنا ” والتي تكونت من مجلدين . ولعل أهمية كتاباته الإقتصادية على معاصرية واضححة ، فإضافة إلى ماركس ، فقد ترك أثراً على ” يوهان فولفغانغ فون غوته ” (1749 – 1832) فقد أشار إليه في يومياته ، وبالتحديد في عنوانها / مما يدلل على مقدار الأثر الذي تركه على الشاعر الألماني غوته . فقد كان يوميات غوته ” البداية بعد غوستاف كولش ، تفسير تاريخي للصناعة ” . أنظر للتفاصيل : هينز بيتر ثملر ؛ غوستاف فون وتطور مقتطفات كولش على يد ماركس (بالإنكليزية) منشورة في الكتاب السنوي السابع عن ماركس – إنجلز ، برلين 1984 ، ص ص 201 – 225 .

 – أنظر : كارل ماركس ” رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، المقدمة للنشرة الألمانية الثانية .[49]

 – أنظر للتفاصيل : هينز بيتر ثملر ؛ بعض المشكلات والخبرة في معالجة مقتطفات غاستوف فون كولش على يد ماركس (بالإنكليزية) ، منشور[50]

في ” مساهمات في أبحاث ماركس – إنجلز ” / العدد السادس ، برلين 1980 ، ص ص 159 – 164 .  

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، المقدمة للنشرة الألمانية الثانية . [51]

 – للتفاصيل عن حياة وكتابات ” ديفيد ريكاردو ” أنظر : صمويل هولندر ؛ إلإقتصاد عند ديفيد ريكاردو (بالإنكليزية) وهو كتاب موسوعي ، مطبعة[52]

جامعة تورنتو ودار نشر هينمان 1979 (تألف من 774 صفحة) .

 – للتفاصيل عن حياة وكتابات ” آدم سميث ” ، أنظر : مارك سكسون ؛ صناعة الإقتصاد الحديث : حياة وآراء المفكرين الكبار (بالإنكليزية) ،[53]

دار نشر شارب 2001 (تكون من 487 صفحة) .  

 – للتفاصيل عن حياة ومؤلفات ” توماس ماثيوس ” أنظر : بيتريشا جيمس ؛ سكان ماثيوس : حياته وعصره (بالإنكليزية) ، دار روتليدج وبول [54]

كيكن للنشر ، لندن 1979 .

 – للتفاصيل أنظر : بيل تيرنس ؛ جيمس ميل (بالإنكليزية) ، إنسكلوبيديا سترانفورد للفلسفة ، 19 حزيران 2014 (أون لاين) .[55]

 – للتفاصيل عن حياة ومؤلفات ” جيرمي بنثام ” ، أنظر : روس هيرسون ؛ بنثام (بالإنكليزية) ، دارنشر وتليدج وكيكن بول ، لندن 1983 . [56]

 –  أنظر : فريد ويلسن ؛ جون ستيوارت ميل (بالإنكليزية) ، إنسكلوبيديا سترانفورد للفلسفة ، 10 تموز 2007 (أون لاين) .[57]

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، مقدمة النشرة الإلمانية الثانية .[58]

 – أنظر المصدر السابق [59]

 – المصدر السابق [60]

 – للتفاصيل أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، مقدمة الطبعة اللمانية الثانية .[61]

 – جوزيف ديتسكن ؛ مقالات فلسفية حول الإشتراكية والعلم والأخلاق (بالإنكليزية) ، دار كيسنجر للنشر 2004 [62]

 – جوزيف ديتسكن ؛ النتيجة الإيجابية للفلسفة (بالإنكليزية) ، دار نشر شارلز كيرر ، شيكاغو 1906 .[63]

 – للتفاصيل أنظر : إنطون باننكوك ؛ موقف ودلالة أعمال جوزيف ديتسكن الفلسفية (بالإنكليزية) ، شيكاغو 1928 . [64]

 – الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ شومسكي وفوكو : مناظرة حول الطبيعة الإنسانية ، الفصيلة من مجلة أوراق فلسفية جديدة ، العددان الثالث [65]

والرابع ، إكتوبر 2014 .

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، مقدمة الطبعة الألمانية الثانية .[66]

 – أنظر المصدر السابق [67]

 –  نسبة إلى الفيلسوف الألمانية ” جورج ويلهلم فردريك هيجل ” (1770 – 1831) وهو رمز كبير في تاريخ الفلسفة الحديثة . وإن تفسيره [68]

المثالي والتاريخي يعد ثورة في مضمار الفلسفة الأوربية . وأثره واضح على ماركس والماركسية … للتفاصيل أنظر : فردريك بيسر (الناشر والمشرف) ؛ صحبة كيمبريدج إلى هيجل (كتاب جماعي) بالإنكليزية ، مطبعة جامعة كيمبريدج 1993 .  

 – أنظر : كارل ماركس ؛ المصدر السابق [69]

 – المصدر السابق [70]

 – وموسى مندلسن (1729 – 1786) هو من فلاسفة التنوير الألمان ، وهو معاصر للسنج وأصبحا  صديقيين حميمين بعد إن تقابلا عام 1754  [71]

وكتب مندلسن في موضوعات الفلسفة التقليدية من مثل الميتافيزيقا والأبستمولوجيا وعلم النفس العقلي واللاهوت الطبيعي وعلم الجمال والنظرية السياسية … من أهم مؤلفاته : ” حول الدليل على علوم الميتافيزيقا ” ، و ” حول خلود النفس ” وهو في الأصل دراسة لمحاورة إفلاطون ” فيدون “، و ” حول المبادئ الرئيسية للفنون الجميلة والعلوم ” ، و ” الكتابات الفلسفية ” … للتفاصيل ، أنظر : الكسندر ألتمان ؛ موسى مندلسن : دراسة في السيرة الذاتية (بالإنكليزية) ، مطبعة جامعة ألباما 1973 .

 – وهو جوتهولد إبراهام ليسنج (1729 – 1781) والذي تعددت إهتماماته في الفلسفة والدراما والشعر والنقد الفني ، وهو واحد من ممثلي حركة [72]

التنوير . من مؤلفاته الأولى ” الباحث الأكاديمي الشاب ” عام 1748 ، و ” المفكر الحر ” عام 1749 ، وكتب العديد من المسرحيات ، منها مسرحيته الشعرية ” ناثان الحكيم ” عام 1760 . كما وله مؤلفات في التربية ، منها ” التربية والجنس البشري ” عام 1780 . وكتب عنه وعن مؤلفاته ” صديقه موسى مندلسن ” وبعنوان ” كتابات ليسنج اللاهوتية ” وترجم إلى الإنكليزية عام 1957 . للتفاصيل أنظر : هيك بيتر نسبيت (المشرف) ؛ جوتهولد إبراهام ليسنج : حياته ، أعماله وتفكيره (كتاب جماعي) بالإنكليزية ، مطبعة جامعة أكسفورد 2013 . ولاحظنا إن الفيلسوفة الألمانية – الأمريكية حنا إرنديت قد كتبت تصديراً لمسرحية ليسنج ” ناثان الحكيم ومسرحيات أخرى وكتابات ” . للتفاصيل أنظر : ليسنج ؛ ناثان الحكيم ومسرحيات أخرى وكتابات (بالإنكليزية ) ، أشرف عليها بيتر ديمتز ، تقديم حانا إرنديت نيويورك 1991 .

 – وهو الفيلسوف الهولندي ” باروخ إسبينوزا ” (1632 – 1677) والذي تم إكتشافه بعد موته بسنوات عديدة . وإسبينوزا وصع الأساس لحركة  [73]

التوير في القرن الثامن عشر . ولعل الشائع عنه ، هو كتاباته النقدية للإنجيل . وهو فيلسوف كبير من فلاسفة العقلية في القرن السابع عشر ، وهو معارض للفيلسوف الفرنسي ديكارت وثنائيته بين الجسم والعقل . وكتب عنه الفيلسوف الألماني ” هيجل ” بعبارته الخالدة ” إن لم تكن إسبينوزا ، فأنت لست بفيلسوف على الإطلاق ” . وإتهم بوحدة الوجود والإلحاد . من أهم مؤلفاته : ” الرسالة السياسية – اللاهوتية ” والتي نشرت عام 1670 . و ” رسائل في السياسة ” 1675 – 1676 ، و ” الإخلاق ” عام 1677 والذي أسسه على مبادء هندسة إقليدس . للتفاصيل أنظر : ستيفت نادلر ؛ إسبينوزا : حياته (بالإنكليزية) ، مطبعة جامعة كيمبريدج 2001 .

 –  أنظر : كارل ماركس ؛ المصدر السابق [74]

 – المترجم الفرنسي ” جوزيف روي ” (ولد عام 1830) وهو إبن خباز وسجن مدة شهرين لمعارضته لحكومة نابليون الثالث . وروي له خبرة [75]

بالترجمة من الألمانية إلى الفرنسية ، فقد سبق له إن ترجم بثلاث سنوات ” أعمال لودفيغ فيورباخ ” مجلدان . والحقيقة إن ماركس أرسل له مباشرة كتاب رأس المال لترجمته . ولكن ماركس حالاً عبر عن تحفظاته حول عمل ” جوزيف روي ” بالرغم من إن الترجمة قطعت أشواطاً على يد ” روي ” . فإن ماركس كان يُفكر بالبحث عن مترجم مختلف . ولكن لم يتوافر مترجم أخر . وفي الوقت ذاته فإن ” روي ” مستمر بالترجمة . وفعلاً ففي عام 1875 أتم الترجمة . ومنح ” روي ” ماركس سيطرة قانونية عليها . وكانت النشرة الفرنسية التي ترجمها ” جوزيف روي ” هي ثان ترجمة أجنبية . إذ سبقتها الترجمة الروسية والتي طبعت عام 1872 ، وكانت الأولى في مضمار ترجمة رأس المال إلى اللغات الأجنبية . للتفاصيل أنظر : ليسلي ديرفلير ؛ بول لفريجو وأساس الماركسية الفرنسية (1842 – 1882) ، مطبعة جامعة هارفرد 1991 ، ص ص 115 – 116 .

 – أنظر مثلاً : لويس ألتوسير وإنتيني بليبر ؛ قراءة رأس المال ، ترجمه إلى الإنكليزية بين بريستر ، دار فيرسو 2009 (تألف من 384 صفحة) .[76]

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (بالإنكليزية) ، تصدير النشرة الفرنسية الثانية . [77]

وجاءت خاتمة ماركس بالصورة الآتية ” كارل ماركس ، لندن ، 28 أبريل 1875 ” .

 – أنظر : كارل ماركس ؛ المصدر السابق ، تصدير ” فردريك أنجلز ” للطبعة الألمانية الثالثة .[78]

 – المصدر السابق [79]

 – المصدر السابق [80]

 – المصدر السابق [81]

 – المصدر السابق ، وللتفاصيل عن نشرة ” موريس لاشر ” أنظر ” ثانياً ” من البحث الحالي .[82]

 – وهذه الإشارة من قبل ” أنجلز ” لها أهميتها التاريخية في عملية التدوين الإقتصادي في دائرة التفكير الماركسي ، وذلك لأن هناك ماركسيون [83]

أخرون سيكتبون عن ” تراكم رأس المال ” عنواناً لمؤلفاتهم  ، وهم ألمان وعاصروا ” ماركس ” وخصوصاً ” أنجلز ” مما يثير الفضول عند الباحث الأكاديمي لمعرفة الأثر الذي تركه  السابق على اللاحق . ونحن متأكدون من السابق ” كارل ماركس ” واللاحق كان كل من ” أنجلز ” و الماركسية البولندية الأصل اللمانية ” روزا لوكسمبيرك ” (1871 – 1919 ) والتي كتبت إطروحتها للدكتوراه بعنوان ” التطورات الصناعية في بولندا” والتي حصلت عليها في ربيع عام 1897 من جامعة زرويخ  ومن ثم صدر  لها كتاب بعنوان ” تراكم رأس المال ” عام 1913 ,من ثم تُرجم إلى الإنكليزية وهو ترجمة من الأصل الألماني . أنظر ؛ روزا لوكسمبيرك ؛ تراكم رأس المال ، ترجمه أي . سشيورزايشيلد ، كلاسيكيات روتليدج 1951 ، وكان هذا الكتاب موضوع جدل يوم ظهوره .. للتفاصيل أنظر : الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ الفيلسوفة الفمنستية الألمانية – الأمريكية المعاصرة حانا أرنديت (1906 – 1975) ، موقع الفيلسوف ، 12 إكتوبر 2012 .

 – كارل ماركس ؛ راس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، مقدمة أنجلز للنسرة الألمانية الثالثة .[84]

 – المصدر السابق [85]

 – المصدر السابق [86]

 – المصدر السابق [87]

 – المصدر السابق [88]

وإنتهت مقدمة إنجلز للنشرة الألمانية الثالثة لكتاب رأس المال بالكلمات الآتيات ” فردريك إنجلز ، لندن ، 7 نوفمبر 1883 ” .

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، تقديم ” إنجلز ” للنشرة الإنكليزية ” 1886 .[89]

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، من مقدمة لفردريك إنجلز للنشرة الإنكليزية 1886 .[90]

 – أنظر : بولا لافريجو ؛ فردريك إنجلز ، ترجمها إلى الإنكليزية جاك بوهيمي ، مجلة الديمقراطي الإشتراكي ، المجلد 9 ، العدد 8 ، 15 آب [91]

1905 ، ص ص 483 – 488 (أون لاين) .

 – للتفاصيل أنظر : تيرل كارفر ؛ فردريك أنجلز : حياته وتفكيره (بالإنكليزية) ، دار ماكميلان ، لندن 1989 .[92]

 – للتفاصيل أنظر : فرانز ميهرنك ؛ كارل ماركس : قصة حياته (بالإنكليزية) ، دار نشر روتليدج 2003 . [93]

 – أنظر : كارل ماركس ؛ المصدر السابق ، مقدمة إنجلز للنشرة الأنكليزية 1886 .[94]

 – الدكتور أدورد بايبينز إفيلنج (1849 – 1898) هو محاضر إنكليزي في البايولوجيا ، وهو ناشط جماهيري ومتحدث عن الثورة الداروينية [95]

والإلحاد ، وهو إضافة إلى ذلك كاتب إشتراكي ومترجم ، ومن أهم ترجماته : رأس المال / النشرة الإنكليزية عام 1886 بالإشتراك ، و الإشتراكية : الطوباوية والعلمية (أنجلز) النشرة الفرنسية (1892) والإنكليزية (1923) والكتاب تألف من الإقسام الثلاثة الآتية : تطور الإشتراكية الطوباوية (والذي ضم أفكار عن سانت سيمون ، فورييه وروبرت أوين ) ، والديالكتيك والمادية التاريخية ومات بعد ” إيلينور بأربعة أشهر بسبب مرض الكلى . للتفاصيل أنظر : فردريك إنجلز ؛ الإشتراكية الطوباوية والعلمية ، ترجمة أدورد إفلينج (أون لاين) . وعاش ” أدورد إفيلنج ” مع إيلينور (1855 – 1898) البنت الأصغر لكارل ماركس ، وبالتحديد بعد موت والدها بخمسة عشر سنة . وفي سيرة إيلينور وجدنا إن إسم بنت ماركس قد أضيف إلى إسمها أسم صاحبها وهكذا ” إيلينور ماركس إفيلنج ” ، وهي مترجمة وكاتبة إشتراكية . وإنتحرت في آذار عام 1898 بعد إن إكتشفت إن صاحبها قد تزوج عليها سراً في حزيران من العام الماضي (أي عام 1897) . وكانت إيلينور في الثالثة والأربعين ربيعاً . من أهم مؤلفاتها : جحيم المصنع بالإشتراك مع ” أدورد إفيلنج (1885) ، و سؤال المرأة مع أدورد إفيلنج (1880) ، و دمية البيت بالإشتراك مع إزريل زانكول (1891) ، وحركة الطبقة العاملة في أمريكا مع أدورد إفيلنج (1891) ، و حركة الطبقة العاملة في إنكلترا (1896) . أنظر للتفاصيل : الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ إيلينور ماركس : الحب والمآساة وبعض من كتاباتها ، موقع الفيلسوف 2015 .   

 – كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، مقدمة إنجلز إلى النشرة الإنكليزية 1886 .[96]

 – أنظر للتفاصيل : إيلينور ماركس ؛ كتاب إسبارتكوس التربوي ، الناشر جون سمبايكن وجوديث هاريس (أون لاين) 1997 . [97]

 – أنظر : فردريك أنجلز ؛ الإشتراكية الطوباوية والعلمية (مصدر سابق) .[98]

 – أنظر : يوجين دهرنك ؛ رأس المال والعمل (بالألمانية ) لايبزك 1865 ، وظهرت له نشرة إنكليزية عام 1907 . [99]

 أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، ترجمه إلى الإنكليزية السيد صماويل مور والدكتور أدورد إفيلنج ، وتقديم  فردريك[100]

إنجلز (مصدر سابق) .

 – ورد في هامش تقديم ” فردريك إنجلز ” إشارة فيها تعليق مهم من الطرف التاريخي لترجمة رأس المال إلى الأنكليزية ، وهي إشارة كتبها إنجلز[101]

بنفسه ، حيث تألفت من 1 – إشارة إلى المصدر الذي إعتمد عليه ” إنجلز ” ، وهو : كارل ماركس ؛ رأس المال ، ترجمة أم . ج . روي ، مراجعة وتنقيح  موريس لوشير ، باريس . 2 – أشار ” إنجلز ” في الهامش ذاته إلى إن ” هذه الترجمة ، وخصوصاً الجزء الأخير من الكتاب ، تحتوي على تغييرات مهمة ، كما وضم إصافات إلى النص في طبعته الألمانية الثانية ” . أنظر : مقدمة إنجلز للطبعة الإنكليزية (مصدر سابق) .

 – أنظر : كارل ماركس ؛ المصدر السابق ، من مقدمة إنجلز للنشرة الإنكليزية التي ترجمها كل من السيد صماويل مور والدكتور أدورد إفيلنج  [102]

زوج إيلينور إبنة ماركس .

 – أنظر : أوتو ويدمير (المترجم) ؛ مختارات من رأس المال لكارل ماركس ، إشراف ونشر فريدريك سورجي ، هوبكن – نيوجرسي 1875 . [103]

 – والمترجم أوتا ويدمير ، هو عضو مع الشيوعي فردريك سورجي ، وكارل سباير وآخرون في الحزب الديمقراطي للعمال في الولايات  المتحدة[104]

الأمريكية … للتفاصيل أنظر : بول بلانك (الناشر) ؛ العمل والنضال : أصوات من الراديكالية العمالية في الولايات المتحدة الأمريكية (بالإنكليزية) ، دار نشر روتليدج – نيويورك 2011 .

 – أنظر للتفاصيل : روبرت إرنست ؛ حياة المهاجر في مدينة نيويورك (1825 – 1863) بالإنكليزية ، مطبعة جامعة سيركوز 1994 ، ص [105]

119 .

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال ، نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) ، من مقدمة إنجلز للنشرة الإنكليزية . [106]

 – أنظر المصدر السابق [107]

 – أنظر المصدر السابق [108]

 – المصدر السابق [109]

 – المصدر السابق [110]

 – المصدر السابق [111]

 – المصدر السابق [112]

 – وهناك هامش  كتبه ” إنجلز ” وحمل معلومات مهمة من الطرف التاريخي لكتاب رأس المال ، ونرغب أن نُشارك القارئ العربي بها . حيث [113]

قال ” في الإجتماع الفصلي (كوارتري : كل ثلاثة أشهر) للجنة التجارة في مانشستر ، والذي عُقد هذا المساء . حدثت مناقشة حارة حول موضوع التجارة الحرة . وكان الحاصل قرار تحرك بهذا التأثير ” فبعد إنتظار في الفراغ ، إمتد 40 سنة . فإن الشعوب الآخرى تابعت التجارة الحرة ، مثال ذلك إنكلترا . وترى هذه اللجنة إن الوقت قد حان الآن للتسليم بهذا الموقف . غير إن القرار تم رفضه بغالبية صوت واحد فقط . فقد كان المؤيدون 21 صوتاً بينما كان المعارضون 22 صوتاً . والمصدر الذي إعتمد عليه ” إنجلز ” : ستاندر المساء ، 1 نوفمبر 1886 ، للتفاصيل أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال ، الترجمة الإنكليزية ، تقديم إنجلز (مصدر سابق) .

 – كارل ماركس ؛ المصدر السابق ، تقديم إنجلز .[114]

 – المصدر السابق [115]

وجاءت خاتمة إنجلز لمقدمة النشرة الإنكليزية بالشكل الآتي ” فردريك إنجلز ، 5 نوفمبر 1886 ” .

 – وفي النشرة الإنكليزية لعام 1887 ، فإن إنجلز عملها بنفسه .[116]

 – للتفاصيل أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقدد الإقتصاد السياسي ، من تقديم  إنجلز للنشرة الألمانية 1890 .[117]

 – وفي الهامش ذكر إنجلز إلى إنه ” في النشرة الحالية ، تم وضع بعض الملاحظات داخل علامات إقتباس مربعة ، وذيلت بعلامة دالة على حروف[118] الإسم (أي إسم إنجلز) . للتفاصيل أنظر المصدر السابق .

 – المصدر السابق [119]

 – المصدر السابق [120]

 – وبالمناسبة أن ماركس عالج مساهمة ” ريتشارد جونز في الفصل الرابع والعشرين ، وأشار إلى عمله المعنون ” مقالة حول توزيع الثروة “[121]

وحول مصادر الضريبة ، لندن 1831 ، الجزء الأول وبعنوان ” الريع ” . وفيه إعلاء لكعب جونز على ريكاردو ، خصوصاً في الأسئلة حول نظرية الريع ، والأخطاء التي وقع فيها في هذا الحقل . كما إن ماركس في نظريات فائض القيمة يتحدث عن ” تاريخ النظرية ” ، وبالتحديد إلى جيمس ستيوارت وإلى ريتشارد جونز . وللمقارنة أنظر : ماركس ؛ مساهمة في نقد الإقتصاد السياسي (الترجمة الإنكليزية) ، نيويورك 1903 (تكون من 264 صفحة) . وريتشارد جونز (1790 – 1855) وهو الإقتصادي الإنكليزي، وبرفسور الإقتصاد السياسي ، في كلية كنك – لندن ، والذي ركز نقده على وجهات نظر ” يفيد ريكاردو ” و ” توماس مالثيوس ” حول الريع والسكان . للتفاصيل أنظر : دينس باتريك أوبراين ؛ الإقتصاديون الكلاسيكيون (بالإنكليزية) ، مطبعة جامعة برنستون 2004 .  

 – وفي الهامش تحدث إنجلز عن هذه القضية ، فأشار إلى ” أن ماركس لم يكن مُخطئاً في عنوان الكتاب ، ولكن في الصفحة ، فقد كتبها ماركس   [122]

ص 36 بدلاً من 37 (أنظر ص ص 560 – 561 من النشرة الحالية) .

 – كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، مقدمة ” فردريك إنجلز ” للنشرة الألمانية الرابعة (مصدر سابق) .[123]

 – من مقدمة إنجلز للطبعة الألمانية الرابع (مصدر سابق) .[124]

 وهو وزير الخزانة ومن ثم رئيس وزراء لمدة أربعة دورات غير متتالية . للتفاصيل أنظر : مايكل بركير ؛ كلادستون والريدكالية (1885 – [125]

1894) ، مطبعة هارفستر 1975 .

 – للتفاصيل عن هذه القضية ، والأطراف التي شاركت بها ، ودفاع إبنة ماركس إيلينور ، أنظر : مقدمة إنجلز للنشرة الألمانية الرابعة لكتاب[126]

ماركس رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي (مصدر سابق) .

 – للتفاصيل ، أنظر المصدر السابق[127]

 – المصدر السابق [128]

 – كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، المجلد الأول ، رسالة ماركس إلى إنجلز عام 1867 [129]

 – وجاء بالشكل الآتي : المجلد الأول ، الكتاب الأول عملية الإنتاج الرأسمالي .[130]

أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاج السياسي ، ترجمة صامويل مور والدكتور أدورد إفيلينج ، وكتب مقدمة له فردريك إنجلز ، وقامت

إيلينور ماركس بمقارنة النصوص الألمانية بالإنكليزية (مصدر سابق) .

 – أنظر : الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ حضور الماركسية والفانونية في خطاب مالك بن نبي / صحيفة البلاد اللندنية (كندا) / القسم الثاني / العدد[131]

111 ، أذار 2011 ، وكذلك ألقسم الثالث / العدد 113 ، أبريل 2011 .  

 – أنظر : الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ الخطاب النهضوي عند مالك بن نبي (تحت الطبع) .[132]

 – أنظر : الفصل الخامس والسادس من الكتاب الحالي .[133]

 – ترجمه الى الإنكليزية كل من مايك روث و ول سوشنك ، وقد ظهر في الطبعة الألمانية الأولى عام 1867 . ولكن في الطبعة الثانية فقد تم حذفه [134]

والسبب إن معظم مادته قد تم إستثمارها في إعادة كتابة الفصل الأول .  

 – أنظر : كارل ماركس ؛ رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، المجلد الثاني ، ترجمة أي . لاسكر ، دار الناشرين التقدمية ، موسكو 1956 .[135]

 – أنظر المصدر السابق [136]

 – أنظر المصدر السابق ، [137]

 – أنظر المصدر السابق (المحتويات) . [138]

– أنظر : كارل ماركس : رأس المال : نقد الإقتصاد السياسي ، المجلد الثالث ، ترجمة إرنست إنترمان ، شركة شارلز وكيرر ، شيكاغو 1894 .[139]

 أنظر المصدر السابق [140]

 – للتفاصيل أنظر كيرت ريتن : معدل دورة الربح والمعارضة بين رأس المال النقدي (المالي) والإداري ، مناقشة المجلد الثالث ، لكتاب ماركس [141]

رأس المال ، الأجزاء الثلاثة وحتى الخامس ، منشور في الكتاب الجماعي الذي اشرف عليه كل من : مارثا كامبيل وكيرت ريتن ؛ دورة رأس المال : مقالات حول المجلد الثالث (لكتاب ماركس رأس المال) ، دار نشر ماكميلان ، لندن ونيويورك 2002 ، ص 174 .

وبالمناسبة إن الدكتور كيرت ريتن ، هو محاضر في جامعة إمستردام ، وهو من الخبراء العالميين في ماركس وهيجل . ومن أهم أعماله كتابه المشهور ، والمعنون ” النظام الرأسمالي ” والذي أعتمد كتاباً منهجياً في جامعة إمستردام ، ويدرس هذا الكتاب في الماجستير .

 – أنظر : وليم ستانلي جيوفنز ؛ نظرية الإقتصاد السياسي ، منشورات كتب بنجوين 1970 ، ص ص 243 – 244 .[142]

 – أنظر : إيرفنك فيشر ؛ البحث الرياضي في نظرية القيمة والأسعار ، الملحق الثالث ، جار نشر كوزما 2007 ، ومنشور كذلك في كتاب : [143]

المنفعة وتاريخ الطريقة الرياضية في الإقتصاد ، ص 109 .

 – أنظر : وليم ستانلي جيوفنز ؛ مبادئ الإقتصاد السياسي ، نيويورك 1965 ، وكذلك مجموعه : الكتابات الإقتصادية ، ماكميلان – لندن 2001 .[144]

 – وهو من المنظرين الإقتصاديين الكبار في القرن العشرين ، وأفكاره أسست مدرسة فكرية ، عُرفت بمدرسة الإقتصاد الكينزي ، ومن ثم قادت إلى[145]

فروع كينزية متنوعة ، ومن ثم نشأت حركة إقتصادية عُرفت بالكينزية الجديدة . و جون كينز كتب أكثر من عشرين كتاباً ومقالة ، ومن كتبه الأولى ، كتابه المعنون ” العملة الهندية والمال ” (1913) ، ومن كتبه الأخيرة ” النظرية العامة للعمالة : الفائدة والنقد ” (1936) ، وجون كينز هو من المثلين جنسياً والأدق بايوسكشول ، وله علاقات مختلفة ، رغم إنه تزوج من راقصة الباليه الروسية المشهورة ليديا لويكوفيا (المعروفة بالبارونة كينز) (1892 – 1981) . للتفاصيل أنظر : فينسنت بيرنت ؛ جون مينارد كينز ، دار نشر روتليدج ، لندن 2013 .  

 – أنظر : بيتر فليشر والفريد كرتير ؛ مستقبل الرأسمالية ، وجهات نظر الكينزية ، والكلاسيكية والكلاسيكية الجديدة ، دار نشر أدور إيلجر ،[146]

المملكة المتحدة 2001 ، ص 39 .

 – وهو محاضر في جامعة برلين للفترة (1901 – 1931) . [147]

 – أنظر : لاديسلوس بروتكاويسكي ؛ القيمة والسعر في النظام الماركسي / منشور في ” أوراق إقتصادية ” ، ماكميلان ، لندن 1952 ، العدد [148]

الثاني ، ص 73 .

 – أنظر : الدكتور محمد جلوب الفرحان ؛ الإشكال الفلسفي في فكر هابرمس ، موقع الفيلسوف ، 3 مارس 2010 . [149]

 – أنظر : يوليوس سانست ؛ هابرمس والماركسية ، دار سيج ، لندن 1971 ، ص 61 .[150]

 – أنظر : إنريغ ديزل ؛ مخطوطات رأس المال الأربعة : نحو تفسير جديد لفكر ماركس الديالكتيكي ، مجلة التفكير الماركسي ، المجلد 13 ، [151]

العدد الأول ، ربيع 2001 ، ص ص 10 – 25 .  

 – هال دربير ؛ حوليات ماركس وإنجلز : حياتهما ونشاطاتهما يوم بيوم ، دار كتب سكوشن ، نيويورك 1985 ، ص ص 111 وما بعد .[152]

 – أنظر : إنسكلوبيديا كولومبيا ، الطبعة الخامسة ، 1994 ، ص 1707 . [153]

 – أنظر : كارل ماركس ؛ نظريات فائض القيمة / رأس المال المجلد الرابع ، الجزء الأول (بالإنكليزية) ، دار النشر التقدمية 1969 .[154]

 – هو الفيلسوف الألماني – الجيكي كارل جوهان كاوتسكي ، والمنظر الماركسي ، ويعد واحد من رموز الماركسية الأرثوذوكسية بعد موت [155]

فردريك إنجلز عام 1895 وحتى الحرب العالمية الأولى عام 1914 . ويُطلق عليه ” بابا الماركسية ” . وأصبح ماركسياً في عام 1881 وزار ماركس وإنجلز في لندن . وفي عام 1883 أسس الصحيفة الشهرية ” العصور الجديدة ” ومن ثم في عام 1890 تحولت إلى صحيفة إسبوعية .ووقف بوجه الثورة البلشفية ، وذلك للتطرفات التي صاحبتها ، ودخل في مواجهة مع كل من لينين وتروتسكي حول طبيعة الدولة السوفيتية . من أهم مؤلفاته : مبادئ ماركس الإقتصادية (1887 – 1903) . و ” الإرهاب والشيوعية : مساهمة في التاريخ الطبيعي للثورة ، ترجمة دبليو كريج ، مطبعة العمل القومي ، لندن 1920 . و ” أسس المسيحية : دراسة في إصول المسيحية ، دار الناشرين العالمية – نيويورك 1925 . للتفاصيل أنظر : ماسيمو سلفادوري ؛ كارل كاوتسكي والثورة الإشتراكية ترجمها من الإيطالية إلى الإنكليزية جون روتشايلد ، كتب اليسار ، لندن 1979 .

 – للتفاصيل أنظر : دبليو . ت . هاتشسن ؛ نظريات فائض القيمة : ماركس ، كارل كاوتسكي ، بونر وأميل بيرنز ، دورية الإقتصاد ، السلسلة [156]

الجديدة ، المجلد 20 ، العدد 77 ، شباط 1953 ، ص ص 81 – 83 .  

 – للتفاصيل أنظر : الفصل الثالث من هذا الكتاب ، والمعنون ” المشروع الإسلامي للإقتصاد ” .[157]

 – للتفاصيل أنظر : الفصل  الرابع من هذا الكتاب ، والمعنون ” المذهب الإقتصادي في الإسلام : الحاضر والغائب ” ، وكذلك الفصل الخامس ، [158]

والمعنون ” المذهب الإقتصادي في الإسلام : البناء والتأسيس ” .  

 – أنظر الفصل الثالث من هذا الكتاب . [159]

 – أنظر الفصل الرابع والخامس من الكتاب الحالي .[160]

————————————————————————————————–

هذا المنشور نشر في Uncategorized وكلماته الدلالية , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , . حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق